اسعار واسواق

«جيل Z» كيف تختلف اهتمامات وسلوكيات أبناء العالم الرقمي؟


جيل زد، المعروف أيضًا باسم iGen أو الجيل ما بعد الألفية، والذي وُلد بين 1998 و2016. نشأ في بيئة رقمية متصلة دائمًا، حيث لم يعرف الحياة بدون الإنترنت، الهواتف الذكية، وسائل التواصل الاجتماعي، ومحركات البحث.

هذه البيئة وفرت له إمكانية الوصول السريع للمعلومات والتفاعل مع ثقافات متعددة منذ سن مبكرة، مما ساعده على تطوير مهارات التكيف مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية بطريقة غير مسبوقة مقارنة بالأجيال السابقة.

الباحثة روبيرتا كاتز من جامعة ستانفورد، التي كرّست سنوات لدراسة هذا الجيل، أظهرت أن جيل زد يعتمد على الذات ويستفيد من التكنولوجيا في التعلم وحل المشكلات والتواصل الاجتماعي. شملت أبحاثها أكثر من 120 مقابلة على ثلاثة حرم جامعية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إلى جانب مجموعات تركيز واستطلاعات شملت أكثر من 2000 شاب تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا.

كما ساهم أرشيف iGen، الذي يضم 70 مليون مادة رقمية تشمل مقابلات، مجموعات تركيز، محتوى منشور على منصات مثل تويتر، ريديت، يوتيوب، فيسبوك وإنستغرام، في دراسة أساليب التعبير الرقمية للشباب، بما في ذلك الميمات والفيديوهات التفاعلية، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل أساليب التواصل الرقمية.

تشير الأبحاث إلى أن جيل زد لا يقتصر اهتمامه على العالم الرقمي فقط، بل يسعى لتحقيق توازن بين الواقع الرقمي والواقعي، ويولي أهمية للتجربة العملية، التعلم المستمر، وتطوير مهارات اجتماعية ومهنية متقدمة، مع وعي اجتماعي، اقتصادي، وسياسي متنامي.

الصحة الجسدية والنفسية

تحظى الرعاية الصحية بأهمية كبيرة لدى جيل زد، إذ يرى نحو 90٪ من الشباب بين 18 و24 عامًا أن الحصول على الرعاية الصحية حق أساسي. يمتد اهتمامهم إلى القدرة على تحمل التكاليف وجودة الخدمات، بما في ذلك الرعاية الإنجابية. عند بلوغ سن الاستقلال عن خطط التأمين الصحي للوالدين، يبدأ العديد منهم بالاستثمار في التغطية الخاصة عبر برامج Medicaid أو قانون الرعاية بأسعار معقولة، ويبحثون في خيارات التأمين بشكل مستقل.

تشكل الصحة النفسية أيضًا تحديًا واضحًا، فقد أظهرت تقارير عام 2022 أن نصف الشباب الأمريكيين بين 18 و29 عامًا يعانون من القلق بشكل دائم أو متكرر، بينما تبلغ نسب الاكتئاب 86٪ ومشاكل القلق 83٪، وهي أعلى مقارنة بالأجيال السابقة. يشارك جيل زد في مجموعات الدعم الرقمية، ويستخدم تطبيقات مثل Calm وHeadspace، كما يفضل النقاش المفتوح حول الصحة النفسية لكسر الوصمة المرتبطة بالاكتئاب والقلق.

إلى جانب ذلك، يطور العديد من الشباب استراتيجيات عملية لإدارة التوتر، بما في ذلك التأمل، ممارسة التمارين الرياضية، حضور ورش العمل الجماعية، والتواصل مع المستشارين النفسيين عبر الإنترنت. ويعكس هذا الاهتمام المتزايد بالصحة النفسية إدراكهم للتأثيرات البيئية والاجتماعية على رفاههم، وسعيهم لإيجاد حلول عملية للتكيف مع الضغوط اليومية.

«جيل Z» كيف تختلف اهتمامات وسلوكيات أبناء العالم الرقمي؟

التعليم العالي وتنمية المهارات

ويعتبر التعليم العالي أولوية لدى جيل زد، إذ يرى معظمهم أن الحصول على التعليم الجامعي أمر مهم لتحقيق أهدافهم المستقبلية. ومع ذلك، يواجه نحو نصف الطلاب المستعدين للالتحاق بالجامعة قيودًا مالية، وتزداد حدة هذه المشكلة بين الشباب من أصول أفريقية.

هذا الجيل يفضل أساليب تعليمية مرنة وشخصية، ويستجيب جيدًا للتجربة العملية والتفاعلية والتكنولوجية، خاصة بعد جائحة كوفيد-19 وما تلاها من تغييرات في أساليب التعليم التقليدية. يستفيدون من منصات تعليمية رقمية مثل Coursera، Udemy، Khan Academy، وLinkedIn Learning، ويمزجون بين التعليم الأكاديمي والمهارات العملية المطلوبة في سوق العمل.

كما يظهر استعدادهم لتجربة مسارات تعليمية غير تقليدية، بما في ذلك التعلم التجريبي، المشاريع التفاعلية، وبرامج التدريب المهني المدمجة مع المهارات الرقمية. يسعى العديد منهم للتعلم المستمر عبر الإنترنت، وتطوير مهارات تقنية متقدمة مثل البرمجة، التسويق الرقمي، تصميم المحتوى، وإدارة الأعمال الإلكترونية.

«جيل Z» كيف تختلف اهتمامات وسلوكيات أبناء العالم الرقمي؟

الأمن الاقتصادي وريادة الأعمال

يشكل الوضع المالي مصدر قلق مستمر، إذ ترتبط الوظائف، الدخل، الديون، تكاليف المعيشة، والاستقرار السكني بمستوى القلق لدى جيل زد. في 2025، أفاد نحو 64٪ من الشباب بأن الموارد المالية تشكل عائقًا أمام تحقيق أهدافهم المستقبلية. كما تأثر هذا الجيل بتجارب عائلاتهم خلال الركود الاقتصادي عام 2008، مما جعلهم أكثر حرصًا على التخطيط المالي والاستثمار المبكر.

ويعتمد العديد من الشباب على أساليب جديدة لكسب الدخل، مثل المشاريع الصغيرة، التجارة الإلكترونية، العمل الحر، وإنشاء المحتوى الرقمي على منصات مثل يوتيوب وتيك توك، وكذلك التجارة على منصات مثل Etsy وShopify. كما يميلون إلى الادخار المبكر والاستثمار في شراء المنازل، التخطيط للتقاعد، وتنويع مصادر الدخل، ما يعكس وعيهم بالاقتصاد المتغير وضرورة التكيف مع التحديات المالية المستمرة.

«جيل Z» كيف تختلف اهتمامات وسلوكيات أبناء العالم الرقمي؟

الاهتمام بالقضايا الاجتماعية

تمثل المشاركة المدنية جزءًا أساسيًا من حياة جيل زد، ويظهر ذلك في النشاط الانتخابي، الحملات الرقمية، والمبادرات الاجتماعية عبر المنصات الرقمية للتأثير في السياسات والقضايا المجتمعية مثل التغير المناخي، الرعاية الصحية، العدالة العرقية، وارتفاع تكاليف المعيشة.

أما العدالة العرقية فتشكل محور اهتمام، إذ يسعى نحو نصف أفراد الجيل لتعزيز الشمول والمساواة العرقية والثقافية، مع متابعة التطورات في حقوق مجتمع LGBTQ+. يظهر القلق البيئي من خلال مطالبتهم بسياسات للحد من التغير المناخي، اتباع سلوكيات استهلاكية مستدامة، ودعم الشركات التي تقدم حلولًا بيئية.

ويمثل العنف بالأسلحة النارية تهديدًا مباشرًا، خصوصًا مع تكرار حوادث إطلاق النار في المدارس. يربط جيل زد هذه الظاهرة بالصحة النفسية، ويشارك في رفع الوعي المجتمعي ووضع حلول عملية، مع التركيز على دعم الفئات الأكثر تأثرًا مثل الشباب من الأقليات والمجتمعات الهشة.

«جيل Z» كيف تختلف اهتمامات وسلوكيات أبناء العالم الرقمي؟

تطور التكنولوجيا الرقمية

يستخدم جيل زد التكنولوجيا بشكل مكثف في التعليم، العمل، التواصل الاجتماعي، والمشاركة الاقتصادية والسياسية. معظمهم كان لديهم هاتف محمول قبل سن 18، مما يسهل الوصول إلى المعلومات واتخاذ القرارات بسرعة. أظهر أرشيف iGen أن الشباب يدمجون بين العالم الرقمي والواقعي بسلاسة، ويستخدمون الميمات، الفيديوهات التفاعلية، والمحتوى الرقمي للتعبير عن الذات والمشاركة في النشاط الاجتماعي والسياسي.

كما يستخدمون التكنولوجيا لاكتساب مهارات جديدة، تطوير مشاريعهم، وإدارة شؤونهم المالية، مع التكيف المستمر مع أدوات التعليم الرقمي والمنصات المهنية مثل LinkedIn، لتوسيع فرص التعلم والعمل، وتنمية مهارات تنظيم الوقت وإدارة الموارد.

«جيل Z» كيف تختلف اهتمامات وسلوكيات أبناء العالم الرقمي؟

السلوك الاستهلاكي والقيم

يمتلك جيل زد وعيًا استهلاكيًا محددًا يعتمد على أربعة عناصر رئيسية: الأصالة، الفردية، القيمة والقيم، والقدرة على الانتقال بسلاسة بين العالم الرقمي والواقعي. يفضل التعامل مع العلامات التجارية الشفافة والمتوافقة مع قيمهم، ويهتم بالشراء من الشركات التي تدعم القضايا البيئية والاجتماعية.

يستخدم جيل زد منصات مثل TikTok، Pinterest، YouTube، وInstagram لتقييم المنتجات، متابعة التجارب، والمشاركة في المحتوى الرقمي. يختار المنتجات بناءً على المصداقية والجودة والملاءمة، ويحرص على دعم الشركات التي تتوافق مع اهتماماته البيئية والاجتماعية، كما يفضل التجارب الرقمية القصيرة والمباشرة بعيدًا عن الأساليب التقليدية الطويلة والمعقدة.

«جيل Z» كيف تختلف اهتمامات وسلوكيات أبناء العالم الرقمي؟

كيفن نتعامل مع جيل زد؟

يتطلب فهم جيل زد إدراك البيئة التي نشأ فيها، والتي جمعت بين الرقمي والواقعي، مع التعرف على التحديات النفسية، الاقتصادية، والاجتماعية التي يواجهها. يعتمد الجيل على التكنولوجيا في حياته اليومية، لكنه يقدّر الصراحة والشفافية، ويفضل المؤسسات التي تسمح له بالتعبير عن نفسه بحرية.

المرونة في التعليم والعمل والحياة الاجتماعية أساسية، مع إشراكهم في القرارات التي تؤثر على حياتهم لتعزيز المسؤولية. على الرغم من اعتيادهم على العالم الرقمي، يظل التواصل الواقعي المباشر مهمًا لبناء المهارات الاجتماعية والعلاقات الإنسانية. التعامل مع جيل زد يتطلب موازنة بين الخبرات السابقة وتجاربهم الرقمية، مع توجيههم بطريقة عملية تدعم مشاركتهم المجتمعية، اتخاذ القرارات المستنيرة، والتكيف مع القضايا الصحية، البيئية، والتعليمية بطريقة موضوعية وواقعية.

من المهم أيضًا مراعاة اختلاف اهتماماتهم وتجاربهم حسب الخلفيات الثقافية والاجتماعية، وتقديم فرص للتعلم العملي والمشاريع التفاعلية، مع دعم المبادرات التي تدمج القيم الرقمية والاجتماعية. هذا يتيح لهم تطوير مهارات القيادة، اتخاذ القرارات، وحل المشكلات المعقدة بشكل مستقل، مع الاستفادة من تجارب الأجيال السابقة دون الالتزام بالطرق التقليدية.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى