اسعار واسواق

«البيانات غير المناسبة» أكبر تهديد لمشاريع الذكاء الاصطناعي


في ظل السباق العالمي نحو تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، تتجه أنظار الشركات إلى حلول “الذكاء البصري”، وبخاصة تلك التي تعتمد على تحليل الصور والفيديوهات لتطوير تطبيقات ذكية في مجالات متعددة، من الأمن وحتى التجزئة والرعاية الصحية.

لكن وسط هذا الحماس، تبرز فجوة خطيرة تعرقل العديد من المبادرات، وهي: البيانات غير المناسبة.

هذا ما يؤكده برايان موور، الرئيس التنفيذي لشركة “Voxel51″، إحدى الشركات الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي البصري، الذي يرى أن جذور الفشل في عدد كبير من مشاريع الذكاء الاصطناعي لا تعود إلى ضعف في الخوارزميات أو محدودية قوة الحوسبة، بل إلى فهم خاطئ لطبيعة البيانات المطلوبة لتدريب النماذج.

ومن واقع خبراته المهنية، يشير موور، في مقابلة مع مجلة “فورتيون”، إلى حالات عديدة عاين فيها نماذج ذكاء اصطناعي اجتازت جميع اختبارات التطوير بنجاح، لكنها فشلت في التعامل مع مواقف غير متوقعة عند تطبيقها في العالم الواقعي.

ويضرب مثالًا بحوادث سيارات ذاتية القيادة عجزت عن رصد المشاة في ظروف إضاءة منخفضة، أو أنظمة مكافحة السرقة التي أخطأت في تفسير سلوكيات طبيعية للعملاء على أنها تهديد. وهذه الأخطاء ليست مجرد ثغرات فنية، بل قد تؤدي إلى نتائج خطيرة، خصوصًا في بيئات تتطلب قرارات فورية وحساسة.

ويستشهد التقرير بتجربة شركة “أمازون” مع تقنية “Just Walk Out” التي طُبقت في بعض متاجرها الأمريكية، وهي تقنية تسمح للزبائن بالدخول والتسوق والمغادرة دون المرور على صندوق الدفع.

ورغم أن المشروع بدا واعدًا على الورق، معتمدًا على مزيج من الكاميرات والذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار، فإن الواقع كشف عن ثغرات واضحة. ففي ظروف مثالية، كان النظام يعمل بدقة عالية، لكن عند ازدحام الممرات أو تصرف العملاء بشكل غير اعتيادي، مثل إرجاع منتجات في أماكن خاطئة أو التسوق ضمن مجموعات، بدأت الأخطاء بالظهور. وكان السبب أن النماذج دُربت على سيناريوهات شائعة فقط، متجاهلة الحالات الأقل تكرارًا لكنها أكثر تعقيدًا.

ويرى موور أن معظم الشركات ترتكب الخطأ ذاته: التركيز على كمية البيانات بدلاً من جودتها وتنوعها. فالمهم ليس جمع ملايين الصور أو ساعات الفيديو، بل ضمان أن هذه البيانات تعكس السيناريوهات الحقيقية التي قد تواجهها النماذج عند التطبيق.

ويؤكد أن الشركات التي تحقق النجاح فعليًا هي تلك التي تولي اهتمامًا خاصًا بالحالات النادرة والمعقدة، مثل الخدوش الدقيقة في خطوط الإنتاج، أو الحالات الطبية غير الشائعة، أو ظروف الإضاءة غير التقليدية.

وبحسب موور، فإن نجاحات الذكاء الاصطناعي البصري اليوم تعتمد على استراتيجيات تضع البيانات في صدارة الأولويات. ويشمل ذلك إنشاء قواعد بيانات “مرجعية” عالية الجودة يتم مراجعتها بشريًا لتقييم أداء النماذج بدقة، مع التركيز على اختبار “الحالات الحدودية” بدل الاكتفاء بالسيناريوهات الاعتيادية، إضافة إلى بناء بنية تحتية مرنة تعزز التعاون بين الفرق الفنية وتتيح تحليل الأداء بصريًا، لا رقميًا فقط.

ويشدد على أن قوة الذكاء الاصطناعي لا تكمن في عدد الطبقات أو حجم الخوارزميات، بل في قدرة النموذج على التعلم من بيانات واقعية تعكس تنوع العالم من حولنا. ومن دون ذلك، تبقى حتى أكبر المبادرات مهددة بالفشل مهما بلغ حجم الاستثمار.

وتأسست “Voxel51” عام 2016 على يد البروفيسور جيسون كورسو من جامعة ميشيغان، وبرايان موور. وتعمل الشركة على تطوير أدوات وبرمجيات تساعد المطورين وفرق الذكاء الاصطناعي على التعامل مع البيانات البصرية (الصور والفيديو) بصورة أكثر فاعلية من حيث التنظيم، والفحص، والتحسين، والتجريب.

ومن أبرز منتجاتها مكتبة مفتوحة المصدر تُعرف باسم FiftyOne، وهي أداة تتيح استكشاف وتنظيم وتحسين بيانات الصور والفيديو. وفي مايو/أيار 2024، نجحت الشركة في جمع 30 مليون دولار في جولة تمويل من الفئة B، بقيادة “Bessemer Venture Partners”، لتعزيز خطط التسويق وتطوير المنتجات.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى