«انتهازية» الإخوان.. رفض لخطة إنهاء حرب غزة يتجاهل معاناة الفلسطينيين

في تجاهل مستمر لإنهاء مأساة الشعب الفلسطيني، صعّد تنظيم الإخوان هجومه على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف حرب غزة.
هذا الهجوم، الذي طال كذلك الأدوار العربية الفاعلة الرامية لفتح أفق سياسي ينهي معاناة الفلسطينيين، اعتبره خبراء تحدثوا لـ«العين الإخبارية»، بمثابة استمرار لنهج التنظيم في استثمار الأزمات والمتاجرة بالقضية الفلسطينية، خدمةً لمصالحه وأدواره الوظيفية في المنطقة.
ورغم الترحيب العربي والدولي الذي حظيت به خطة ترامب، كإطار سياسي جديد لإنهاء الحرب في غزة، وأمل قد يكون الأخير لوقف المعاناة، حرّض التنظيم الإخواني حركة حماس الفلسطينية على رفض الخطة.
وهو ما اعتبره خبراء «محاولة يائسة للإبقاء على حماس كورقة نفوذ بيد التنظيم، وليس دفاعًا عن الفلسطينيين»، في ظل تصاعد أدوار الدول العربية الساعية إلى حماية الفلسطينيين ومنع الكارثة.
وبشكل متزامن، أصدر حزب جبهة العمل الإسلامي، ذراع تنظيم الإخوان في الأردن، بيانًا هاجم فيه «خطة ترامب» معتبرًا أنها «خطة إذعان واستسلام»، وفق زعمه.
وتضمنت الخطة التي كشف عنها ترامب خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرًا، خارطة طريق لوقف الحرب، وتهيئة الطريق أمام تسوية سياسية شاملة تضمن الأمن والاستقرار.
وتنص الخطة بشكل رئيسي على إنهاء الحرب فورًا في حال موافقة طرفي النزاع عليها، وعلى انسحاب إسرائيلي «على مراحل» ونزع سلاح حركة حماس.
بؤس إخواني
وفي تعقيبه على دلالات الهجوم الإخواني على خطة ترامب، والحث على رفضها، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي الأردني مأمون المساد، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن موقف الإخوان «ليس فقط موقفًا مبدئيًا، بل تعبير عن خشية حقيقية من انزلاق حماس إلى مسار سياسي يُخرج جماعة الإخوان من قلب المعادلة الفلسطينية».
وبحسب المحلل السياسي الأردني، فإن «قبول حركة حماس بالخطة -من وجهة نظر التنظيم- يعد تهديدًا مباشرًا لنفوذ الحركة في غزة، إذ قد يترتب عليه تفكيك جناحها العسكري، وإعادة إدماج القطاع ضمن سلطة فلسطينية موحّدة، ما يفقد الحركة والإخوان من خلفها أوراق ضغط استراتيجية».
ويشير المساد إلى أن ما وصفه بـ«بيان البؤس الإخواني» يعطي لنفسه الحكم على واقع يزايد به نحو شعبويات تعبوية تعيد إنتاج الاستقطاب، ومصادرة حق الدول في التعامل مع واقع إقليمي شديد التعقيد.
مزايدة سياسية
وفي تفنيده لبيان الإخوان، قال إن البيان يخلط بين الرفض المشروع لكل طرف إذا استند إلى معايير وطرح بدائل واقعية، والمزايدة السياسية.
وفي هذا الإطار، ينبه المساد إلى أن «الزج بالدول العربية، لا سيما مصر والأردن اليوم، يتجاهل الدور الذي تلعبه هذه الدول في احتواء انفجار الوضع، وتجنب سيناريوهات كارثية في غزة والمنطقة، قد تتجاوز حدود غزة والضفة الغربية».
كما يذكر بأن «القاهرة وعمان من أكثر المعارضين لأي تهجير للفلسطينيين، أو محاولات تفريغ غزة من سكانها، بل إنهما أول من رفض سيناريو الوطن البديل، وإقامة أي مناطق عازلة، أو استقبال لاجئين من غزة».
وفي ملمح آخر، يقول: «إذا كان البعض يرى أن خطة ترامب محل انتقاد لأنها تُضعف غزة، فلا بد من التذكير بأن الانقسام الفلسطيني المستمر منذ 2007، وهو ما نتج عن سيطرة حماس المسلحة على غزة، هو ما وضع القطاع أصلًا في هذا المأزق».
وإذا كان بيان الإخوان –والحديث للمساد– يدعي أن الخطة تخلق «بؤرة جديدة للاحتلال»، فالاحتلال موجود أصلًا في الحصار والإغلاق والضربات الجوية منذ سنوات طويلة، فأين هي البؤرة الجديدة التي تُتهم بها الخطة؟ لقد تحولت غزة إلى عبء إنساني وسياسي، وعُزلت عن السياق الوطني الفلسطيني.
دوافع تحريض حماس
دافع الإخوان لتحريض حركة حماس على رفض خطة ترامب، أرجعه الدكتور هشام النجار، الكاتب الصحفي والخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، إلى أمور تنظيمية وظيفية بحتة تخدم أهدافهم، وليس لها علاقة بمصلحة الفلسطينيين وإنهاء معاناتهم.
ويوضح النجار في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن الإخوان يرون أن عدم وجود حركة حماس في المشهد يؤثر سلبًا على مصالحهم المباشرة، حيث يعتبر التنظيم حضور وتمركز الحركة الفلسطينية في غزة بمثابة عمق استراتيجي حيوي له.
ويعتبر الخبير المصري أنه «عقب أدوار فعالة من الدول العربية الوازنة في المنطقة، لمنع حصول النكبة وتصفية القضية الفلسطينية والتهجير، يأتي تنظيم الإخوان ليواصل عادته المقيتة الكريهة، في موقف يصب في الأساس في صالح إسرائيل التي لا تريد إنهاء الحرب إلا بعد اكتمال مخططها».
أداة وظيفية
ويتابع النجار: «الإخوان ومن على شاكلتهم وأفرعهم في العمق العربي يهبّون لنجدة إسرائيل، حتى يفشل المسار الوحيد المنطقي لحل معقول وواقعي يوقف التدهور والنزيف ويتيح مساحة لترتيب البيت الداخلي، وخلق ممثلين شرعيين للفلسطينيين يمكنهم إدارة دولة وحكومة والدفاع عن حقوق شعبهم المشروعة».
كما يرى أيضًا أن «الإخوان أسهموا بشكل كبير في حدوث المأساة والكارثة الكبرى التي حلت بغزة وفلسطين والمنطقة كلها عبر انخراطهم كأداة وظيفية في مشاريع ومخططات التفكيك والفوضى والتقسيم الدولية والإقليمية، بداية من مخطط الشرق الأوسط الجديد، ومؤامرة الربيع العربي وإسقاط وتفكيك الدول العربية وجيوشها ومؤسساتها، مرورًا بخطط إسرائيل الكبرى وتهجير الفلسطينيين وإيجاد وطن بديل لتصفية القضية».
ويضيف: «هذه الجماعة بمثابة حصان طروادة لإسقاط الدول، ومن ثم تمهيد الطريق لفرض المزيد من الهيمنة والسيطرة وفرض الإرادة وتنفيذ مخططات قديمة بخرائط معروفة تنتقص من السيادة والكرامة العربية».
مصالح شخصية
وبدوره، يقول محمود علوش، الكاتب والمحلل السياسي التركي، لـ«العين الإخبارية»، إن موقف الإخوان غير مستغرب، حيث يعكس –كعادتهم– تحقيق مصالحهم الشخصية، ضمن سياستهم في المتاجرة بالقضية، ويعكس أيضًا موقفهم المعادي للدول العربية والإسلامية بشكل عام.
ويؤكد: «تناسى التنظيم الدور الكبير الذي لعبته دول مصر والأردن منذ بداية هذه الحرب على المستويين الدبلوماسي والسياسي، من أجل الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة لإنهاء هذه المأساة الكبيرة»، مضيفًا: «كان لهذه الدول دور بارز أيضًا في دفع الرئيس ترامب مؤخرًا إلى اتخاذ خطوات للشروع في مسار قد يؤدي إلى إنهاء هذه الحرب ويوقف المأساة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني».
وإذ يعتبر أنه قد تكون هناك بعض المآخذ على بعض البنود الواردة في خطة ترامب، أشار المحلل السياسي إلى أن الخطة ساهمت –على الأقل– في القضاء على هدف إسرائيل المتمثل في تهجير سكان قطاع غزة، وإنهاء طموحات إسرائيل باحتلال القطاع وضم الضفة الغربية، وهناك بنود أخرى فرصة للنقاش حولها.
إزاء ذلك، يقول علوش إن الخطة قد لا تلبي جميع تطلعات الشعب الفلسطيني أو تطلعات الدول العربية والإسلامية، لكنها من منظور هذه الدول تحقق في الوقت ذاته أقصى ما يمكن تحقيقه في هذه المرحلة.
ولم ترد حركة حماس على المقترح الأمريكي حتى الآن.
وقال مسؤول فلسطيني قريب من حماس لـ«فرانس برس»، إن الحركة «تريد تعديل بعض بنود خطة ترامب مثل نزع السلاح وإبعاد كوادر من حماس والفصائل».
وذكر أن حماس «أبلغت الوسطاء بضرورة توفير ضمانات دولية للانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، ولعدم خرق إسرائيل وقف إطلاق النار».
والثلاثاء توعّد ترامب حركة حماس بمصير قاتم، وأمهلها 3 أو 4 أيام للرد على خطته.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز