الدراما والموسيقى.. كيف تسهم الفنون العاطفية في دعم قضايا المناخ؟

يمكن للدراما والموسيقى والفنون العاطفية بشكل عام أن تساهم في رفع الوعي البيئي وخلق نقاط مقاومة ضد التغير المناخي في نفوس البشر، وهو جهد تشجعه قمم المناخ الرسمية الكبرى.
في مؤتمرات الأطراف المعنية بالتغيرات المناخية، نجد أنّ هناك منطقتين رئيسيتين، وهما: المنطقة الزرقاء والمنطقة الخضراء. أما عن الأولى؛ فهي توفر مساحة لجلسات النقاش وغرف المفاوضات وأجنحة الدول والمراكز الإعلامية للأمم المتحدة، إضافة إلى أنها تستضيف القمة العالمية للعمل المناخي والتي يحضرها قادة العالم ورؤساء الدول، وبذلك يغلب على المنطقة الزرقاء الطابع الرسمي ويحتاج أي شخص يريد دخولها تصريحًا من الأمم المتحدة.
وعن المنطقة الخضراء؛ فهي الأكثر حيوية والأقل رسمية؛ إذ تنظمها الدولة المستضيفة للمؤتمر، وتستقبل الجمهور من عامة الشعب، ويسهل دخولها، لكن بإذن من الدولة المستضيفة، وتوفر مساحة للشركات والمؤسسات المختلفة للحصول على أجنحة تستطيع من خلالها عرض منتجاتها. كما توفر مساحات للمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني لتنظيم النقاشات وتقديم ورش عمل وجلسات حوارية للتوعية البيئية.
ولعل أهم ما يميز المنطقة الخضراء، أن تجد فيها عروضًا موسيقية ومسرحيات وأفلام وثائقية ومعارض فنية، جميعها تتناول الموضوعات البيئية وكل ما يتعلق بالعدالة المناخية.
وهنا يبرز دور الفن في رفع الوعي العام بالتغيرات المناخية؛ إذ أنه من الأشياء المقربة من الجمهور، ويستجيب لها. وفي هذا الصدد، تقول غوى النكت، المديرة التنفيذية في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لـ”العين الإخبارية” إن “الفن أداة مبتكرة لنشر الوعي؛ يبسط المفاهيم المعقدة، يكسر حاجز اللامبالاة، ويحفز السلوكيات المسؤولة”.
ارتباط عاطفي
يساهم الفن في رفع الوعي بالتغيرات المناخية؛ خاصة وأنه يرتبط بالعاطفة، ويساعد الأفراد لتصور الحلول، ويلهم الأفراد؛ إذ أنّ الفن يخلق من خلال أشكاله المختلفة، مثل: الرسم والموسيقى والأفلام، رابطًا عاطفيًا قويًا بالقضايا البيئية؛ فعندما يُقدم هذا الفن شخص مشهور ومؤثر محبوب من الجماهير؛ فهو يساهم في إيصال القضايا البيئية إلى شريحة واسعة من الجماهير، وهذا بدوره يساعد في إلهام الناس للعمل على معالجة تلك القضايا وإيجاد حلول فعّالة لها وتحفيز الناس على التغيير الإيجابي الذي يدعم نمط الحياة المستدامة.
تصوير الآثار والآمال
يمكن للفنون البصرية تجسيد عواقب التغيرات المناخية، مثل ارتفاع منسوب المياه وذوبان الجليد، وهذا يتجلى من الأفلام الوثائقية، ما يجعل الدمار المحتمل لآثار التغيرات المناخية ملموسًا، ويصبح الناس أكثر قربًا من آثار التغيرات المناخية. من جانب آخر، يمكن للفن أن يُبرز الأشكال المختلفة للمجتمعات المستدامة ومنخفضة الكربون.
تسهيل التواصل
يساهم الفن في تحويل البيانات العلمية ومخرجات الأبحاث إلى سرديات فنية، ما يُسهل وصول علوم المناخ إلى الجمهور غير المتخصص، وبذلك يسهل التواصل العلمي عبر الفن، مثل الأعمال السنيمائية.
وفي هذا الصدد، يُشير الدكتور “هشام عيسى”، المنسق المصري السابق لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، في حديث ل،”العين الإخبارية” إلى أنه هناك العديد من الأعمال السنيمائية خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، وُظفت بصورة مباشرة لخدمة القضية المناخية.
كشف الحقائق
يُعد الفن وسيلة مثالية أيضًا عند كشف الحقائق وتوجيه الناس للتفكير النقدي لمعرفة المتسبب الرئيسي للتغيرات المناخية؛ إذ تقول غوى النكت لـ”العين الإخبارية”: “تعاونا مع الفنان السوداني أمجد النور في فيديو كليب “الملوّث يدفع” بأسلوب الراب لفضح جشع شركات النفط”، كما يساعد الفن في دعم قضايا العدالة المناخية. وتتابع “وأغنية “أحلامنا” ضمن حملة “الرفاه للجميع”، حيث طالب الأطفال بعالم عادل يقدم الصحة والتعليم والاستدامة والسلام”.
لكن هناك قصور
على الرغم من بعض الجهود لتوظيف الفنون لدعم البيئة، إلا أنه ما زال هناك قصور كبير في دعم الدراما للقضايا البيئة بصفة عامة والقضايا المناخية بصفة خاصة؛ وغالبًا ما تكون في الأماكن التي تعني بالأنشطة الثقافية، وهذا يعني أنّ تأثير تلك الأعمال الفنية التي تهتم برفع الوعي البيئي لا تتعدى حدود تلك المناطق، ما يُشير إلى ضعف تأثيرها، بحسب الدكتور “هشام عيسى”، الذي يؤكد: “ربما يعود هذا القصور إلى أنّه غالبًا ما ينظر المنتجون إلى الأعمال الدرامية أو الأفلام السنيمائية على أنها مكسب أو خسارة؛ خاصة وأنّ تلك الأعمال قد تكون مُكلفة؛ ما يجعل المنتجون يحجبون عن الاستثمار في هذه الأفلام البيئية”.
لكن على أي حال، ترى “غوى النكت” أنّ في منطقتنا، حيث التحديات مضاعفة، للفن قدرة على غرس ثقافة الاستدامة بين الأجيال الحالية والمستقبلية. من جانبه يرى عيسى أنه من واجبنا تكثيف الأعمال الدرامية والفنية للتوعية بشأن التغيرات المناخية.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز