إجلاء من قلب النار.. كيف غادرت والدة جندي أمريكي غزة في 19 ساعة؟

بفضل تعاون هادئ واستثنائي بين الولايات المتحدة وإسرائيل والأردن، تم إجلاء امرأة فلسطينية، يخدم ابنها في البحرية الأمريكية سرًا من غزة.
في الوقت الذي تواجه فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتهامات بغض الطرف عن معاناة الفلسطينيين في غزة حتى لو كانوا مواطنين أمريكيين، كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عن عملية سرية لإجلاء امرأة فلسطينية.
ووفقا لمراسلات ولتصريحات مصادر مطلعة فقد تدخلت إدارة ترامب والحكومتين الإسرائيلية والأردنية لإجلاء أحلام فروانة (59 عاما) التي يخدم ابنها في البحرية الأمريكية من غزة.
وقالت “واشنطن بوست” إن العملية تظهر الصعوبة البالغة في تنظيم خروج قانوني من غزة دون موارد أو نفوذ.
وأوضحت أن إجلاء فروانة تطلب وقف الغارات العسكرية الإسرائيلية بشكل منسق لحماية تحركاتها كما تطلب تبرعات بقيمة 10 آلاف دولار أمريكي لتغطية تكاليف النقل، وبرامج متطورة لمراقبة تحركاتها وسط الهجوم الإسرائيلي المستمر.
كما تطلبت العملية المشاركة المباشرة لكبار المسؤولين الأمريكيين الذين ساعدوا في تأمين اتفاقيات من حكومتي الأردن وإسرائيل لتسهيل مغادرة المرأة من غزة.
كان نجل أحلام، يونس فروانة (32 عاما) قد انضم إلى الجيش في عام 2023 سعيًا للحصول على الجنسية الأمريكية وبعد اندلاع حرب غزة في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، واجهت والدته و6 من أشقائه خطرًا متزايدا.
وفي 2024، سوى القصف الإسرائيلي منزل العائلة المكون من 7 طوابق بالأرض وأصبح الطعام والدواء نادرين.
وفي يوم تخرجه من معسكر تدريب البحرية في فبراير/شباط 2024، أصبح يونس فروانة مواطنًا أمريكيًا مجنسًا، ذلك الوقت وهو يسعى لتنسيق خروج والدته وأشقائه عبر الأردن لكن جميع طلباته رُفضت باستثناء حالة والدته.
وحصل يونس على موافقة مسؤولي الهجرة الأمريكيين لدخولها الولايات المتحدة، لكنه لم يجد من يرافقها خارج غزة أو يساعدها في تجديد جواز سفرها منتهي الصلاحية.
وقال إن المسؤولين الأمريكيين أخبروه أن أياديهم مقيدة.
وفي أوائل سبتمبر/أيلول الماضي، تواصل يونس مع جمعية العمليات الخاصة الأمريكية، وهي منظمة للمحاربين القدامى دعمت الإجلاء القانوني لحوالي 1100 شخص من غزة منذ بدء الحرب، بمن فيهم والدة جندي أمريكي.
وشكّل أليكس بليتساس، عضو الجمعية فريقًا لمساعدة عائلة فروانة ضم ستيف غابافيكس، العقيد المتقاعد في الجيش الذي خدم في القدس من 2001 حتى 2004، كما استعان بليتساس بمورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط، وهي جندية احتياط في البحرية ربطت الفريق بكبار المسؤولين في السفارة الأمريكية في عمان.
وفي تصريحات لـ”واشنطن بوست” أرجع مسؤول أمريكي، طلب عدم الكشف عن هويته نجاح عملية الإجلاء إلى الدبلوماسيين الأمريكيين في عمّان.
وقال غابافيتش إنه استغل علاقاته السابقة، بما في ذلك اتصالات داخل الجيش الإسرائيلي وجهازي الأمن والاستخبارات الإسرائيليين، الشاباك والموساد، لضمان الموافقة على خروج أحلام فروانة من غزة.
وأوضح أن المحادثات مع الإسرائيليين ركزت جزئيًا على ضمان “عدم استهداف موقعها”، وسعوا إلى “إقامة حاجز أمني حولها” حتى لا يتعرض فريق الإنقاذ لضربة عسكرية عن غير قصد.
وفي السفارة الأردنية في واشنطن، عجّل المسؤولون الموافقة على دخول أحلام إلى الأردن وأعربت السفيرة دينا قعوار عن سعادة حكومتها بالمساعدة في تسهيل خروج فروانة من غزة.
وأكدت أن هذه البادرة يجب أن تُعتبر جزءًا من “الجهود الإنسانية الأردنية المتواصلة والأوسع نطاقًا وليست استثناءً” وقالت “يعمل الأردن يوميًا بهدوء ودون كلل لدعم المحتاجين”.
أما بن كلاي، وهو جندي مخضرم في العمليات الخاصة بالجيش والذي قاد عملية الإجلاء، إنه استخدم تطبيقًا طوّره لتحديد أكثر طرق النقل أمانًا.
وتبرعت مجموعة المحاربين القدامى بمبلغ 10 آلاف دولار لاستئجار وسيلة نقل برية لنقل فيرونة بأمان من مبناها في مدينة غزة إلى معبر كرم أبو سالم الحدودي في الزاوية الجنوبية الشرقية من القطاع.
وفي منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، أمرت إسرائيل جميع سكان مدينة غزة بالإخلاء وسط هجوم مكثف ومع تفاقم الأوضاع، كان لا بد من إلغاء الخطة وبدلاً من ذلك، حدد أحد أبناء فيروانة موقع سيارة وبدأ في قيادة والدته نحو المعبر.
وبمساعدة ابنتها، أكملت فيروانة آخر 9 أميال سيرًا على الأقدام تحميها من الأعلى وسائل المراقبة.
وإجمالا، استغرقت الرحلة 19 ساعة حتى أرسل بليتساس في 17 سبتمبر/أيلول رسالة احتفالية من كلمتين إلى مجموعة صغيرة من المتعاونين “لقد خرجت!”.
ولا تزال أحلام فروانة في الأردن حاليًا، بانتظار الموافقة على تأشيرة دخولها لأمريكا، وقال ابنها إنه حريص على مساعدة بقية أفراد عائلته على مغادرة غزة، لكن عليه انتظار إجراءات طلب التأشيرة .
وأضاف أن قضية والدته جذبت انتباه كبار المسؤولين الأمريكيين وهو أمر كان له تأثير عميق على العائلة وأضاف “هذا يعني الكثير، أن هؤلاء الرجال يهتمون بعائلتي.. لست وحدي”.
لكنه تساءل لماذا تطلب رحيل والدته هذا التدخل الاستثنائي، في حين أن الولايات المتحدة، في السنوات الأخيرة وضعت سياسة لدعم إعادة التوطين الإنساني من مناطق الحرب، بما في ذلك أوكرانيا وأفغانستان.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز