«إنفيديا» و«أوبن إيه آي».. صداقة بمليارات الدولارات تهدد بتفجير فقاعة مالية عالمية

تتزايد التحذيرات في وول ستريت من الطفرة الهائلة التي يشهدها قطاع الذكاء الاصطناعي، وسط مخاوف من أن تكون مدفوعة بشبكة معقدة من الصفقات المتشابكة بين شركتين رائدتين هما «إنفيديا» و«أوبن إيه آي».
يثير ذلك القلق من احتمالات تضخم “فقاعة مالية” قد تهدد قطاعات واسعة من الاقتصاد العالمي إذا انفجرت.
ووفقًا لتقرير نشرته وكالة بلومبرغ، فإن الشركتين أشعلتا خلال السنوات الثلاث الماضية موجة استثمارات غير مسبوقة في الذكاء الاصطناعي، عبر اتفاقيات ضخمة مع مزودي الحوسبة السحابية وشركات التقنية الناشئة.
وتُقدَّر القيمة الإجمالية لهذه التحالفات بأكثر من تريليون دولار، مما جعلها تُعد اليوم أحد أهم محركات التضخم المالي في السوق، إذ ربطت مصائر عدد هائل من الشركات ببعضها البعض على نحو غير مسبوق.
صفقات متشابكة
وقّعت «أوبن إيه آي» اتفاقيات حوسبة عملاقة مع إنفيديا وAMD وأوراكل، في وقت لا تزال فيه الشركة الناشئة تستهلك السيولة بوتيرة مرتفعة دون تحقيق تدفقات نقدية إيجابية قبل نهاية العقد.
وفي مارس/آذار الماضي، أعلنت إنفيديا وأوبن إيه آي عن اتفاق استثماري بقيمة 100 مليار دولار، أعقبه مباشرة صفقة أخرى بين أوبن إيه آي وأوراكل بقيمة 300 مليار دولار لبناء مراكز بيانات أمريكية تعتمد على شرائح إنفيديا، ما يعيد جزءًا كبيرًا من الأموال إلى الأخيرة.
يحذّر محللون من أن هذه العلاقات الدائرية قد تمثل “البذور الأولى” لأي فقاعة مالية مستقبلية.
ويقول بريان كوليلو، المحلل في «مورنينغ ستار»: “إذا وصلنا إلى لحظة انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي في العام المقبل، فقد تكون هذه الصفقات من بين المؤشرات الأولى على الخلل”.
شركات ناشئة في قلب اللعبة
لا تقتصر هذه الشبكة المعقدة على «أوراكل»، بل تمتد إلى شركات ناشئة مثل كور ويف، إحدى أبرز قصص النجاح في وول ستريت هذا العام.
فقد دعمت إنفيديا طرح كور ويف للاكتتاب العام عبر شراء حصة 7% منها، ثم وقّعت اتفاقًا لشراء خدمات سحابية بقيمة 6.3 مليار دولار.
في المقابل، استثمرت كور ويف 350 مليون دولار في أوبن إيه آي قبل الاكتتاب، ووسّعت لاحقًا اتفاقاتها معها إلى 22.4 مليار دولار، ما عمّق الروابط المالية بين الأطراف الثلاثة.
وفي خضم هذه الشبكة المعقدة، تسعى إدارة ترامب إلى الاستفادة من الطفرة عبر حصتها في شركة إنتل، إلى جانب خططها للحصول على نسبة من مبيعات رقائق إنفيديا وAMD إلى الصين، ما يربط السياسة بالاقتصاد في منظومة الذكاء الاصطناعي.
سباق تمويل غير مسبوق
تسعى «أوبن إيه آي» لتمويل طموحاتها الضخمة عبر مزيج من رأس المال المغامر والدين واتفاقيات مبتكرة مع شركات كبرى.
وبعد اعتمادها في البداية على عمالقة التكنولوجيا مثل مايكروسوفت وأمازون وغوغل لبناء بنيتها السحابية، بدأت الشركة تتجه نحو أسواق الدين لتوسيع عملياتها، على غرار ما تفعله كبريات شركات التقنية العالمية.
يحذر ستايسي راسغون من شركة «بيرنشتاين» في مذكرة للمستثمرين قائلاً: “سام ألتمان لديه القدرة إما على دفع الاقتصاد العالمي نحو أزمة تستمر عقدًا كاملًا، أو قيادته إلى العصر الذهبي الجديد… لا أحد يعلم أي المسارين سيتحقق”.
العملاق المهيمن
على النقيض من شركائها، تبدو إنفيديا في موقع مالي أكثر قوة واستقرارًا. فالشركة التي أصبحت الأعلى قيمة في العالم برأسمال سوقي يبلغ 4.5 تريليون دولار، تواصل ضخ استثمارات ضخمة بوتيرة متسارعة.
ووفق بيانات «بيتشبوك»، شاركت الشركة في 52 صفقة استثمارية عام 2024، و50 صفقة إضافية حتى سبتمبر 2025. كما أعلنت استعدادها لشراء السعات السحابية الفائضة من شركائها، في خطوة تهدف إلى تعزيز استقرار منظومتها الاستثمارية.
ورغم اعتراف مايكل إنتراتور، الرئيس التنفيذي لشركة كور ويف، بوجود “مخاوف تمويل دائري”، فإنه يرى أن هذه المخاوف ستتراجع مع توسع استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاعات الأعمال المختلفة.
وقال: “عندما تأتي مايكروسوفت إلينا لشراء البنية التحتية لتقديم خدماتها إلى المستخدمين، لا يهمني ما يُقال عن التمويل الدائري. المهم أن هناك طلبًا حقيقيًا”.
ومع استمرار تدفق المليارات عبر هذه الشبكة المتشابكة من الاستثمارات، يبقى السؤال الكبير: هل تمثل هذه العلاقات المعقدة أساسًا صلبًا لطفرة اقتصادية جديدة، أم أنها مجرد فقاعة مالية تنتظر لحظة الانفجار؟
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز