«بي- 52».. طائر عتيق لا غنى عنه في الجيش الأمريكي

تقدم قاذفة بوينغ “بي-52 ستراتوفورتريس”، التي حلقت لأول مرة في عهد الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور، مفارقة مذهلة في عالم الطيران العسكري.
الطائرة رغم ما تتسم به من الضخامة والبطء وكونها هدفاً سهلاً للرادار، يُتوقَّع أن تبقى في الخدمة حتى بعد مرور قرن كامل على أول رحلة لها. فما السر وراء هذه المرونة الاستثنائية التي تجعلها عصيّة على التقاعد؟
ووفقا لمجلة مليتري ووتش، لم يكن تصميم بي-52 معقداً أو مفرطاً في التكنولوجيا، بل عبقرياً في بساطته، إذ تمتلك جناحين عريضين، ومدى طيران يسمح لها بالتحليق بين القارات، وقدرة هائلة على حمل الأسلحة.
هذه الخصائص، التي جعلتها أحد أعمدة الردع النووي خلال الحرب الباردة، هي ذاتها التي تُبقيها حيوية اليوم في ساحات القتال الحديثة، وعصر مقاتلات الجيل الخامس والمسيرات.
وفي زمن تتفوق فيه صواريخ الكروز بعيدة المدى وأنظمة الدفاع الجوي المعقدة على أساليب الاختراق التقليدية، تحوّلت بي-52 إلى ما يشبه «منصة إطلاق جوية» بعيدة المدى. يمكنها أن تحلّق لساعات داخل أجواء آمنة، ثم تطلق دفعات من الصواريخ الموجهة بدقة نحو أهداف تبعد آلاف الكيلومترات، من دون الحاجة إلى اختراق المجال الجوي المعادي.
المفارقة أن القاذفات التي صُمِّمت لتحل محلها لم تصمد طويلاً. فقد سقطت روكويل “بي-واحد بي لانسر” ونورثروب غرومان “بي-اثنين سبيريت”، ضحية لتخصصهما المفرط في مهام محددة لم تعد صالحة اليوم.
فالقاذفة بي1 بي، التي بُنيت للتحليق على ارتفاع منخفض وبسرعة عالية لتجاوز الرادارات السوفياتية، فقدت أهميتها مع ظهور أنظمة التوجيه عبر الأقمار الصناعية والأسلحة التي تُطلق من ارتفاعات آمنة.
أما بي-2 سبيريت، رغم كونها تحفة هندسية في عالم التخفي، فإن صيانتها معقدة ومكلفة جداً بسبب طلائها الحساس وأنظمتها الدقيقة، ما جعل تشغيلها عبئاً مالياً ولوجستياً.
وصٌنع الطرازان لعصر الحرب الباردة، بينما أثبتت بي-52، بفضل مرونتها، أنها الأنسب لعصر جديد تتبدل فيه طبيعة التهديدات بسرعة.
وتكمن عبقرية بي-52 في تصميمها الذي يشبه “المنصة المفتوحة”، القابلة للتطوير بلا حدود تقريباً. فقد خضعت لبرامج تحديث عميقة جعلت قمرة قيادتها التناظرية القديمة تتحول إلى بيئة رقمية حديثة بشاشات عرض وأنظمة اتصال متقدمة، ما غيّر دور الطاقم من تشغيل أدوات ميكانيكية إلى إدارة منظومة قتالية متكاملة.
كما سيمنحها برنامج استبدال المحركات بمحركات رولز-رويس الجديدة مدى أطول وكفاءة أعلى في استهلاك الوقود، مع تقليل العبء التشغيلي.
وإضافة إلى ذلك، باتت القاذفة قادرة على حمل وتشغيل معظم أنواع الصواريخ والذخائر الذكية في الترسانة الأمريكية، بل ويمكن تهيئتها لاستيعاب الأسلحة المستقبلية بسهولة.
اقتصادياً، ورغم أن تكلفة تشغيلها تبلغ نحو سبعين ألف دولار للساعة الواحدة، فإنها تبقى أرخص بكثير من نظيرتها الشبحية بي-اثنين، وهو ما يجعلها خياراً عملياً وفاعلاً من حيث التكلفة.
وخلصت المجلة إلى أن بي-52 ليست مجرد طائرة حربية قديمة ترفض الموت، بل منظومة استراتيجية حية تتطور باستمرار. وقد أثبتت أن التصميم الجيد لا يشيخ، بل يتكيف مع الزمن.
مواصفات قاذفة بي-52 ستراتوفورتريس
سنة دخولها الخدمة: 1955
عدد الطائرات المصنعة: 744 (جميع النسخ المنتجة)؛ تبقى نحو 76 هيكل من طراز بي-52 إتش في خدمة القوات الجوية الأمريكية
الطول: 48.5 م
امتداد الجناح: 56.4 م
الوزن: 84,000 كجم فارغة (تقريباً) و221,000 كجم أقصى وزن للإقلاع (تقريباً)
السرعة القصوى: 650 ميل/ساعة (1,046 كم/ساعة)
نطاق القتال العملي: تقريباً عدة آلاف من الأميال / 7,000 كم اعتماداً على الحمولة ومسار الطيران والتزويد بالوقود جوا
الحمولة: 31,500 كجم من المتفجرات / الأسلحة المختلطة
طاقم الطائرة: 5 (طيار، مساعد طيار، ضابط أنظمة الأسلحة، ملاح، ضابط الحرب الإلكترونية)
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز