اسعار واسواق

السخرية.. هل تدفع ألبانيا للانضمام إلى أوروبا؟


عملية طويلة الأجل تخوضها 9 دول للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في مقدمتها ألبانيا.

تحركات مثيرة للفضول تشهدها ألبانيا حيث حظرت الحكومة تطبيق “تيك توك” لحماية الشباب، فيما عين الرئيس روبوت كوزير لمكافحة الفساد والآن، يترشح أحد أشهر الكوميديين في البلاد لمنصب عمدة العاصمة، مما يطرح سؤالا حول مساعدة حس الفكاهة والتفكير الإبداعي الدولة الصغيرة الواقعة في البلقان على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؟

صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تنقل عن الخبراء قولهم إنه لا ضرر خاصة بالنسبة لألبانيا، التي عانت طويلًا من مشكلة في صورتها من النظام الستاليني، إلى الجريمة المنظمة.

فقديما كانت ألبانيا واحدة من أكثر دول العالم قمعا وأقلها تسلية، تقول الصحيفة الأمريكية، مشيرة إلى أن هناك الكثير من الكلمات لوصف البلاد خلال فترة حكم ديكتاتورها أنور خوجة، الذي بنى 750 ألف ملجأً لتحصين البلاد ضد غزو متخيل، خلال الحرب الباردة.

ولا تزال ألبانيا تكافح الفساد السياسي والمافيات القوية، لكنّ هناك اتفاقا واسعا في بروكسل على أنها قطعت شوطًا كبيرًا في بناء اقتصاد حديث، وحماية حريات الإعلام، وتعزيز سيادة القانون.

واليوم، يُنظر إلى ألبانيا والجبل الأسود على نطاق واسع على أنهما مرشحتان رئيسيتان للانضمام للتكتل بعد سنوات من الحذر الذي أنهته حرب أوكرانيا التي دفعت الاتحاد الأوروبي ليكون أكثر حرصًا على التوسع.

وأظهرت ألبانيا استعدادها للتجربة والتفكير بشكل مختلف؛ ففي وقت سابق من العام، حجبت الوصول إلى “تيك توك” لمدة عام بعدما أثار مقتل صبي (14 عامًا) مخاوف بشأن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، عيّن رئيس الوزراء روبوتا اسمها “دييلا” وزيرة لفحص عطاءات المشتريات العامة لضمان خلوها من الفساد والتأثير البشري.

ويتفق إرجون كوراج، الباحث في مركز ألبانيا للعلوم والابتكار من أجل التنمية، على أنه من المنطقي استخدام الذكاء الاصطناعي للتدقيق في العقود، لكنه يعتقد أن جعله وزيرًا هو أمر محفوف بالمخاطر لأنه يخلط بين النظام التقني والمكتب السياسي، ويخلق فجوات في المساءلة، ويضخم نقاط الضعف في البيانات والأمن، ويخاطر بتحويل الحوكمة إلى استعراض بدلاً من جوهرها.

لكن قد يكون الاستعراض هو ما يميز ألبانيا، حيث يتوقع من الدول المرشحة للانضمام أن تتشارك “القيم الأوروبية” وربما تكون إحدى هذه القيم هي القدرة على تحمل النكتة.

انتخابات مبكرة

وفي وقت سابق من الشهر، أعلن الساخر الشهير فلوريان بيناغ ترشحه كمستقل لمنصب عمدة تيرانا وهو مدعوم من الحزب الديمقراطي المعارض.

وهناك خبرة أوروبية مع تحول شخصيات تلفزيونية إلى سياسيين أشهرهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والممثل الكوميدي الإيطالي بيبي غريلو، زعيم حركة النجوم الخمس الشعبوية.

ومن المقرر إجراء انتخابات مبكرة في ألبانيا في 9 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بعد إقالة عمدة تيرانا إريون فيلياج من الحزب الحاكم بتهم فساد ينفيها.

وفي تصريحات لـ”واشنطن بوست”، قال بيناغ إنه يترشح لتحسين جودة حياة المواطنين العاديين في العاصمة، من خلال تحسين الخدمات الحضرية.

وأوضح أنه ليس كوميديًا فحسب، بل ناشط اجتماعي، ومدافع عن البيئة، ومهندس معماري، قائلا إنه دخل مجال التمثيل لأنه كان قادرًا على تقليد الشخصيات، وانتهى به الأمر بتقديم برنامجه التلفزيوني لمدة 18 عامًا.

وأضاف أنه يريد تحرير ألبانيا من سياسات الآلات الحزبية من كلا الجانبين (اليسار واليمين) لإشراك المزيد من المستقلين والمهنيين في الحكومة، مما قد يساعد في الحد من هجرة الأدمغة.

تجربة نادرة

وقال لطفي درويشي، الأكاديمي والمحلل السياسي إن حملة بيناغ تمثل “تجربة ديمقراطية نادرة حيث يترشح ضد النظام الذي يقلده”، مضيفًا أنه يعتقد أن الانتخابات لا تقتصر على من يدير العاصمة بل هو اختبار للمزاج السياسي للناخبين.

ويقلد بيناغ ببراعة رئيس الوزراء إيدي راما والذي أُعيد انتخابه مؤخرًا لولاية رابعة والذي يتمتع بشعبية واضحة وهو لاعب كرة سلة محترف سابق وفنان يفضل القمصان والأحذية الرياضية العصرية وقبعات البيسبول.

وراما هو زعيم الحزب الاشتراكي (يسار الوسط)، وهو أيضًا عمدة سابق لتيرانا حيث عمل على طلاء المباني السكنية ذات الطراز السوفياتي الرمادي الكئيب بألوان زاهية، ووصفه بعض المحللين بأنه “شعبوي متعاطف مع أوروبا” وهو مؤيد لأمريكا، وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والاتحاد الأوروبي.

ولراما أيضًا حس كوميدي فهو يحب إلقاء النكات حتى في القمم الدولية وأحيانا ما يكون مستفزًا أو متنمرًا، فقال في ندوة مسجلة في مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن الأسبوع الماضي لمنتقدي ألبانيا “اصمتوا”.

وبينما كان راما يشيد ببيناغ وتقليده حيث وصفه على “فيسبوك” في 2020 بأنه “رجل وسيم وموهوب ومتعلم”، لكنه الآن أصبح أكثر انتقادًا للممثل ووصف ترشحه بأنه خطوة “يائسة” من حزب المعارضة الذي دعمه والذي وصفه بـ”المستنقع”.

وقال أندي هوكهاج، الخبير في شؤون البلقان والمُدرّس في كلية كينجز كوليدج بلندن، إن ترشح فنان مستقل وناشط مثل بيناغ “يجب أن يُنظر إليه على أنه علامة إيجابية على الانفتاح الديمقراطي ومؤشر على التقدم”.

وأضاف “سيعكس ذلك تنوعًا في الأصوات والخلفيات التي تدخل المعترك السياسي، على غرار التطورات التي شهدناها في دول مثل إيطاليا وأوكرانيا”.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى