محمية وادي الوريعة.. خطى واثقة على طريق الانضمام إلى قائمة التراث العالمي

تسعى إمارة الفجيرة لإدراج محمية وادي الوريعة الوطنية ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، تأكيدًا على حماية التنوع البيولوجي والبيئة الطبيعية الفريدة.
تواصل إمارة الفجيرة في دولة الإمارات تعزيز مكانتها على خريطة التراث الطبيعي العالمي من خلال سعيها الحثيث لإدراج محمية وادي الوريعة الوطنية ضمن قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في خطوة تؤكد التزام دولة الإمارات بحماية البيئة الطبيعية والتنوع الأحيائي الفريد في أراضيها الجبلية.
تم إدراج محمية وادي الوريعة الوطنية في عام 2022 كأول محمية جبلية وأول متنزه وطني على مستوى الدولة ضمن القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي في دولة الإمارات، لتبدأ بذلك مرحلة الترشيح الرسمي التي تسبق إعلان الإدراج النهائي.
يقع وادي الوريعة شمال إمارة الفجيرة ضمن سلسلة جبال الحجر الشرقية، ويُعد أول محمية جبلية وطنية في الدولة، وأحد أبرز المواقع الطبيعية على مستوى منطقة الخليج العربي، نظرًا لما يتمتع به من خصائص نادرة تجمع بين التضاريس الجبلية القاسية والمياه العذبة الجارية على مدار العام.
تمتد المنطقة على مساحة تُقدّر بـ 220 كيلومترًا مربعًا، وتضم شلالًا دائمًا للمياه العذبة، إضافة إلى منظومة متكاملة من العيون والبرك والينابيع الطبيعية التي تغذيها طبقات الصخور الجوفية في جبال الحجر. وقد شكّل هذا النظام الهيدرولوجي الفريد موئلًا دائمًا للحياة البرية والنباتية.
وفي عام 2010، تم إدراج وادي الوريعة ضمن قائمة رامسار للأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية، ليصبح ثاني موقع من نوعه في دولة الإمارات يحصل على هذا التصنيف.
وفي عام 2018، اعتمدت منظمة اليونسكو الوادي محمية للمحيط الحيوي ضمن شبكة «الإنسان والمحيط الحيوي» (MAB).
يحتضن وادي الوريعة تنوعًا أحيائيًا يُعد الأغنى في دولة الإمارات، إذ يضم مئات الأنواع من النباتات والحيوانات، من بينها أنواع نادرة ومتوطنة لا توجد في أي مكان آخر في البلاد.
وتشير نتائج المسوحات الميدانية إلى وجود ما يزيد على 1099 نوعًا من الكائنات الحية تشمل النباتات والطيور والزواحف والبرمائيات والثدييات واللافقاريات، ما يجعل المحمية مركزًا رئيسيًا لحفظ التنوع الحيوي في الدولة.
وتنتشر في أرجاء الوادي أنواع نباتية نادرة مثل السحلبية البرية (Epipactis veratrifolia)، التي تُعد الوحيدة المسجلة في دولة الإمارات، إلى جانب نباتات مائية مثل Cladium mariscus، وهي من الأنواع المهددة بالانقراض عالميًا.
وعلى مستوى الحياة البرية، يُعتبر الوادي موطنًا لـ الطهر العربي المهدد بالانقراض، إضافة إلى حيوانات الوشق العربي وثعلب بلانفورد وعدد من الطيور الجبلية النادرة، فضلًا عن أسماك المياه العذبة المتوطنة في مجاري الوديان مثل Garra barreimiae، التي تعيش فقط في بيئات جبال الحجر.
ولا تقتصر أهمية الوادي على قيمته البيئية والطبيعية فحسب، بل تمتد لتشمل بُعدًا ثقافيًا وتاريخيًا مهمًا، فقد كشفت الدراسات الأثرية وجود أكثر من 25 موقعًا تراثيًا في نطاق المحمية، تشمل مقابر ونقوشًا صخرية ومستوطنات قديمة تعود إلى العصرين البرونزي والحديدي، ما يؤكد أن المنطقة كانت مأهولة منذ آلاف السنين، وأن علاقة الإنسان بالوادي تعود إلى فترات طويلة من التاريخ، حيث شكّل الماء الدائم عاملًا أساسيًا للاستقرار البشري والزراعة في المنطقة.
وتتولى هيئة الفجيرة للبيئة مسؤولية إدارة المحمية والإشراف على برامجها البيئية بالتعاون مع شركاء محليين ودوليين، من بينهم بلدية الفجيرة، وبلدية دبا الفجيرة، ومؤسسة الفجيرة للموارد الطبيعية، ومركز الفجيرة للمغامرات، وجمعية الإمارات للطبيعة بالتعاون مع الصندوق العالمي للطبيعة (WWF).
أسهمت هذه الشراكة في تطوير أنظمة مراقبة بيئية متقدمة، وتنفيذ برامج توعية مجتمعية وسياحة بيئية مستدامة، إضافة إلى مشاريع بحثية تُعنى برصد الأنواع ودراسة تأثير التغير المناخي على النظم الجبلية.
وتتبنّى الهيئة في إدارتها للمحمية نهجًا متوازنًا يجمع بين الحماية والتنمية المستدامة، إذ تم تحديد مناطق نواة مغلقة للحفاظ على التنوع البيولوجي، إلى جانب مناطق عازلة وأخرى مخصصة للزيارات الموجّهة والتعليم البيئي.
ويُسمح بالدخول إلى بعض مواقع الوادي فقط ضمن برامج محددة مثل مبادرة «قادة التغيير»، التي تتيح للزوار تجربة الطبيعة الجبلية ضمن ضوابط صارمة تراعي استدامة النظام البيئي.
ويمثّل وادي الوريعة اليوم مختبرًا طبيعيًا للتوازن البيئي في المناطق الجبلية الجافة، ونموذجًا ناجحًا لتطبيق مفاهيم الاستدامة في حماية الأنظمة البيئية الحساسة.
وقد أسهمت الجهود المتواصلة خلال السنوات الماضية في تحسين مستوى الحماية البيئية، والحد من الأنشطة غير القانونية، وإعادة تأهيل الموائل الطبيعية التي كانت مهددة بفعل الرعي الجائر أو الاستخدام البشري العشوائي.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز




