الإمارات وتجارة الذهب.. رقابة صارمة تنسف مزاعم «التهريب من السودان»

بعد مرور عامين على إصدار لوائح العناية الواجبة للتوريد المسؤول للذهب في دولة الإمارات، يتضح اليوم أن الدولة لم تكتف بتطبيق مجموعة تشريعات، بل بنت منظومة رقابية متكاملة باتت تعد من الأكثر صرامة وشفافية على مستوى العالم.
هذه الخطوات التي بدأت عام 2023 أصبحت في 2025 ركيزة ثابتة تعزز مكانة دولة الإمارات كمركز عالمي موثوق في قطاع الذهب، وتشكّل ردًا عمليًا على كل الادعاءات التي حاولت الربط بين الدولة وبين تهريب ذهب السودان أو تمويل النزاعات الإقليمية، فالواقع أظهر أن دولة الإمارات كانت، منذ البداية، تتحرك في اتجاه تعزيز الحوكمة لا الالتفاف عليها.
تحولات تشريعية سبقت الادعاءات وتقدمت عليها
اللوائح التي أعلنتها وزارة الاقتصاد في دولة الإمارات عام 2023 لم تكن خطوة مفاجئة أو طارئة، بل حلقة ضمن سلسلة من المبادرات التي بدأت قبل ذلك بسنوات، بدءًا من السياسة الاتحادية لقطاع الذهب عام 2020، مرورًا بتأسيس لجنة السبائك الإماراتية وإطلاق المنصة الاتحادية لتداول الذهب، ووصولًا إلى معيار الإمارات للتسليم الجيد للذهب في 2021.
هذا الإطار التشريعي والتنظيمي، الذي كان جاهزًا قبل ظهور أي مزاعم خارجية، وضع الإمارات في موقع مُتقدم يسبق بكثير الضغوط أو الحملات الإعلامية، ويُظهر أن الدولة كانت تبني بيئة تجارية محكومة بسلسلة رقابة كاملة من التوريد وحتى التسليم.
التزام كامل بالمعايير
منذ دخول اللوائح حيز التنفيذ الإلزامي على جميع مصافي الذهب داخل دولة الإمارات، بدا واضحًا أنها تتوافق تمامًا مع توصيات مجموعة العمل المالي “فاتف” وإرشادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) الخاصة بسلاسل توريد المعادن من المناطق عالية المخاطر.
وبذلك، لم تعمل دولة الإمارات فقط على تنظيم تجارتها الداخلية، بل تبنت أعلى المعايير الدولية التي تعتمد عليها الدول الأكثر تقدمًا في أسواق المعادن، ما عزز الثقة العالمية بمنظومة الذهب الإماراتية، ووضعت الدولة في مقدمة الأسواق التي لا تسمح بأي ثغرة يمكن استغلالها في التهريب أو غسل الأموال.
تدقيق صارم وبرامج تدريب وغرامات
لم تكن اللوائح مجرد نصوص، فقد رافقها برنامج مكثف يشمل تدريب العاملين في المصافي والمدققين المعتمدين، إضافة إلى إلزام المنشآت بتعيين مسؤول امتثال يتولى الإشراف على سلسلة التوريد. كما فرضت اللوائح مراجعات سنوية وتدقيقًا من طرف ثالث، وأطلقت وزارة الاقتصاد قائمة للمدققين المعتمدين وفق أعلى معايير النزاهة.
وبنهاية 2023، كانت نتائج التفتيش قد رصدت 69 مخالفة بقيمة 3.5 مليون درهم، مع إمكانية وصول العقوبات إلى 5 ملايين درهم في حال عدم الامتثال، وهذه الأرقام، التي تواصلت وتشددت خلال 2024 و2025، أثبتت أن التشريعات ليست شكلية، بل تُطبّق بحزم لا يسمح بأي تجاوز.
فجوة مالية في السودان تكشف حقيقة الأزمة
مقابل هذه التطورات الرقابية في الإمارات، كانت الحقائق داخل السودان تسير في اتجاه مختلف تمامًا، فقد أعلنت شعبة مصدري الذهب هناك عن فجوة تتجاوز 5 مليارات دولار بين قيمة الذهب المصدّر رسميًا (نحو 6 مليارات) وما دخل بالفعل إلى خزينة الدولة (مليار واحد فقط).
أكثر من 53 طنًا خرجت من السودان، بينما اختفت قيمتها الحقيقية في سلسلة توريد محلية تعاني من الفوضى والتداخل السياسي والاقتصادي، ومع تفاقم الأزمة الإنسانية وتراجع قيمة الجنيه السوداني، بدا واضحًا أن المشكلة ليست في “وجهة” الذهب، بل في منظومة التصدير الداخلية نفسها التي فقدت السيطرة على واحد من أهم موارد الدولة.
سلسلة رقابة إماراتية متكاملة
بعد عامين من التطبيق العملي للضوابط الجديدة، أصبحت الإمارات واحدة من الدول القليلة التي تمتلك سلسلة رقابة تمتد من المصدر إلى المصهر إلى التداول وحتى التصدير النهائي.
تقارير التدقيق المستقل وجهات الامتثال الدولية أشارت خلال 2024 و2025 إلى أن الدولة طورت نموذجًا عالميًا يحتذى به في حوكمة تجارة الذهب، ما جعل مزاعم التهريب أو التساهل الرقابي غير قابلة للصمود أمام الوقائع العملية.
وأثبتت السنوات الأخيرة أن الإمارات ليست جزءًا من المشكلة، بل جزءًا من الحل، وأنها أسست لنظام رقابي يجعل أي عملية غير قانونية في قطاع الذهب شبه مستحيلة.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز




