اسعار واسواق

خفض الميثان يسرق الأضواء في COP30.. فرصة ذهبية لإبطاء الاحترار العالمي


يشكل غاز الميثان “مكبح الطوارئ” للمناخ، إذ يمكن لخفض انبعاثاته أن يبطئ الاحترار بسرعة، بينما تستمر الانبعاثات البشرية في الارتفاع رغم التعهدات والسياسات العالمية.

يوفر خفض الميثان هواء أنظف واقتصادات أقوى ويحد من تجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية، ويعد الأداة الأكثر فاعلية لإنقاذ الأرض قبل الوصول إلى نقاط تحوّل مناخية لا رجعة فيها.

يعرف غاز الميثان بأنه أحد أقوى الغازات الدفيئة، ويطلق عليه أحيانا اسم “مكبح الطوارئ” للمناخ، نظرا لقدرته على حبس الحرارة أكثر من ثاني أكسيد الكربون، ولأنه يتحلل في الغلاف الجوي خلال نحو 20 عاما فقط.

بخفض انبعاثاته، يمكن تحقيق تأثير سريع وملموس على تباطؤ الاحتباس الحراري، في حين يبقى ثاني أكسيد الكربون في الجو لمدة قرن تقريبًا.

تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة المقدم خلال COP30 يظهر أن الانبعاثات العالمية لا تزال ترتفع، مع استمرار تسرب غاز الميثان من البنية التحتية للنفط والغاز، وتربية الماشية، وحقول الأرز، ومكبات النفايات. ومع ذلك، تشير التحليلات إلى أن التركيز على الميثان ساعد على تباطؤ معدل الارتفاع، إذ يمكن للسياسات الحالية خفض الانبعاثات بنسبة 8% بحلول عام 2030، مقارنة بالهدف العالمي البالغ 30% بدعم 159 دولة.

التكنولوجيا اللازمة متاحة بالفعل، والحد من انبعاثات الميثان غالبا ما يكون مربحًا؛ فالغاز المستخرج يمكن بيعه، ما يجعل العمل على تقليل الانبعاثات فرصة اقتصادية وبيئية في الوقت نفسه.

دان يورغنسن، المفوض الأوروبي للطاقة، أكد أن توسعة نطاق الحلول السريعة أمر ممكن عبر مختلف القطاعات والقارات، موضحًا أن خفض الانبعاثات يوفر هواءً أنظف واقتصادات أقوى ومناخًا أكثر أمانًا.

على الرغم من التعهدات، تجاوزت درجات الحرارة العالمية حد الاحترار البالغ 1.5 درجة مئوية منذ عدة سنوات، ما حذر منه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بوصفه “عواقب وخيمة”. العلماء يحذرون من نقاط التحوّل غير القابلة للعكس، مثل الجفاف الواسع لنهر الأمازون وذوبان الغطاء الجليدي في جرينلاند، ما قد يؤدي إلى انهيار مناخي شامل.

رؤساء المؤسسات البحثية مثل دوروود زيلكي يشددون على أن خفض الميثان هو الاستراتيجية الوحيدة القادرة على إبطاء الاحترار على المدى القريب، في حين يشبه خفض ثاني أكسيد الكربون سباق الماراثون، فالعمل على الميثان هو سباق قصير يمكن أن يمنح الأرض فرصة للتنفس.

الميثان يُنتج من عدة مصادر طبيعية وبشرية، أبرزها تسرب الغاز الطبيعي، وتربية الماشية، وتحلل المواد العضوية. قوة الميثان في حبس الحرارة تبلغ نحو 80 ضعف ثاني أكسيد الكربون، لكنه يتفكك خلال 20 عامًا، ما يمنح العالم فرصة فريدة لتحقيق تخفيض سريع للانبعاثات وتأخير نقاط التحوّل الكارثية.

الأقمار الصناعية وأنظمة الرصد الحديثة كشفت عن ارتفاع حقيقي في انبعاثات الميثان رغم تباطؤ ثاني أكسيد الكربون، ما يؤكد ضرورة التحرك العاجل.

وفقا للغارديان، التقديرات تشير إلى أن خفض الانبعاثات بنسبة 40% خلال العقد المقبل يمكن أن يخفض درجات الحرارة العالمية بنحو 0.3 درجة مئوية، ويمكن توسيع هذا التأثير ليصل إلى 0.5 درجة مئوية بحلول عام 2050 مع مزيد من التخفيضات.

دراسة حديثة نُشرت في مجلة “ساينس” أوضحت أن تخفيض الميثان يمكن أن يقلل من احتمال موت غابات الأمازون بنحو 8% وتعطل الرياح الموسمية الهندية بنسبة 13%، ما يبرز أهمية الخطوة على الصعيدين البيئي والاقتصادي. كما أن التكاليف المرتبطة بخفض الانبعاثات يمكن تغطيتها بفوائد ثلاثية إلى ستة أضعاف، بما يشمل الفوائد الصحية، ما يجعل الاستثمار مجديًا للغاية.

التحديات لا تزال كبيرة، إذ لم تحقق الصين والهند وروسيا والولايات المتحدة أهدافها حتى الآن، رغم تعهد 150 دولة في COP26 بخفض الانبعاثات بنسبة 30% بحلول 2030. ومع ذلك، هناك بعض التحركات الإيجابية، مثل اتفاقية الولايات المتحدة مع الصين في 2023 لتحديد سقف لانبعاثات الميثان، وتشديد الاتحاد الأوروبي على قواعد صارمة لمراقبة الغاز المستورد، ما يعزز الشفافية والمساءلة في سلسلة التوريد.

الحلول العملية متاحة وسهلة التطبيق، مثل إغلاق آبار الغاز الصخري منخفضة التكلفة، وقف التسربات من منصات النفط والغاز وخطوط الأنابيب، وتقليل الحرق والتنفيس، مع الاستفادة من الغاز المنتج اقتصاديًا. تحسين إدارة الثروة الحيوانية والزراعة، بما في ذلك إدارة المياه والأسمدة والتربة وتعديل الأعلاف، يمثل خطوة إضافية فعّالة لخفض الانبعاثات.

كما أن التحول نحو أنظمة غذائية تعتمد على النباتات بدل الاستهلاك المفرط للحوم الأحمر يمثل فرصة لخفض الانبعاثات الزراعية وتحقيق فوائد بيئية وصحية واقتصادية، وفق خبراء منظمة أصدقاء الأرض.

في النهاية، خفض انبعاثات الميثان ليس خيارًا ثانويًا، بل أولوية عاجلة في مواجهة أزمة المناخ، مع فرصة لتحقيق نتائج ملموسة خلال عقد من الزمن، وحماية كوكب الأرض قبل الوصول إلى نقاط التحوّل الكارثية.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى