اسعار واسواق

«بابنوسة» السودانية في قبضة «الدعم السريع».. الأهمية والتبعات


مدينة سودانية استراتيجية جديدة تقع في قبضة قوات “الدعم السريع”، ما يفرض معادلة جديدة على الخريطة العسكرية بين الطرفين المتصارعين.

واليوم الإثنين، أعلنت قوات قوات “الدعم السريع” السيطرة على الفرقة 22 مشاة في “بابنوسة”، التي تعد آخر معقل للجيش في ولاية غرب كردفان.

وقالت قوات “الدعم السريع” في بيان إن قوات الجيش السوداني نفذت هجوماً مباغتاً على مواقع قوات “تأسيس” (الحكومة الموازية للدعم السريع) في مدينة بابنوسة”.

وأضافت “جاءت ردة الفعل عليهم انتصارا ساحقا حيث تمكنت قوات تأسيس من صدّ الهجوم بالكامل وإفشاله، قبل تنفيذ عملية عسكرية دقيقة أدت إلى تحرير الفرقة 22 ومدينة بابنوسة بالكامل”.

وتابعت “تحرير بابنوسة يمثل محطة مفصلية في مواجهة المجموعات المتطرفة التي تسللت إلى بنية الجيش السوداني، ويبرهن على قدرة قوات تأسيس على حماية المدنيين ومنع انزلاق البلاد نحو مزيد من الفوضى والانقسام”.

أهمية “بابنوسة”

وقال المحلل السياسي السوداني عثمان ميرغني لـ”العين الإخبارية” إن بابنوسة مدينة استراتيجية لها أهمية جغرافية وتاريخية خاصة.

وأشار إلى أنها تقع في عاصمة ولاية غرب كردفان، وهي واحدة من المدن الهامة جدا التي تحتفظ نشاط تجاري معروف منذ فترة طويلة وتتركز فيها مجموعة متنوعة من القبائل السودانية.

وأضاف أنها تعد ملتقى طرق بين مناطق السودان المختلفة، إذ تربط دارفور بكردفان وشمال السودان بجنوبه، فضلا عن أنها مركز رئيسي للسكك الحديدية.

وبابنوسة تقع على ارتفاع 373 مترا فوق سطح البحر، وتبعد عن الخرطوم العاصمة 697 كيلومترا، ويبدأ منها خط السكة الحديد المتجه جنوباً نحو “واو” في جنوب السودانـ، ويمتد إليها خط السكة الحديد من تقاطع مدينة الرهد الذي يرتبط بخط آخر قادم من مدينة الأبيض.

وكانت الفرقة العسكرية 22 بمدينة بابنوسة فقدت عدة ألوية عسكرية تابعة لها في الأشهر الأخيرة لمصلحة قوات الدعم السريع وظلت المدينة محاصرة من مختلف الجهات.

الأثر الاستراتيجي

وقال ميرغني إن سيطرة “الدعم السريع” على بابنوسة ستزيد من الزخم الإعلامي لانتصارات الدعم السريع، أما على الصعيد الاستراتيجي ستزيد من تأمين “الدعم السريع” لسيطرته على دارفور، وستبعد احتمالات استعادة الجيش للإقليم الغربي.

وأضاف “المناطق حول بابنوسة كلها في يد الدعم السريع منذ فترة والمدينة أخليت بصورة كاملة من السكان في الشهور الأخيرة، ولم يكن بها إلا فرقة الجيش التي سقطت اليوم”.

وأوضح أنها كانت “آخر ما تبقى للجيش في ولاية غرب كردفان، ومن الناحية الاستراتيجية ستعطي نوعا من التأمين الإضافي لدارفور، كون وجود الجيش في بابنوسة من شأنه تسهيل وصوله إلى دارفور.. الآن الجيش ابتعد عن دارفور”.

وأشار إلى أن “الاتصال الجغرافي بين دارفور وكردفان اللتين أصبحتا في قبضة الدعم السريع متحقق منذ فترة، والآن أصبح آمن بعد فقدان الجيش آخر معاقله في غرب كردفان”.

الأثر السياسي

ورغم تقدم “الدعم السريع”، توقع ميرغني أن يتصلب الجيش أكثر في الجلوس على مائدة المفاوضات لإنهاء الحرب. وقال: “المشكلة الحقيقية أن قرار المفاوضات في يد مجلس السيادة وبالتالي التغيرات على الأرض لا تنعكس على معطياته”.

وأضاف “لو كان الجيش ومجلس السيادة يرغبان في التفاوض لكان الأولى أن يبدآه قبل سقوط بابنوسة المحاصرة لأن السلام أو التفاوض قد يمنعان سقوطها أما الآن ربما يتعنتان أكثر”.

وأشار إلى أن الأزمة في أن قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان يستغل موقعه السياسي والعسكري في إطالة أمد الحرب.

وقال “البرهان يعتمد خطاب التعبئة العامة وبسقوط المدينة سيزداد من هذا التوجه. أعتقد أن التقديرات السياسية تحكم قراره أكثر من الإنسانية المتدهورة جدا جدا”.

وشدد على أن “الوضع العسكري ليس له علاقة باتخاذ قرار السلام، لكن التقديرات السياسية تحكم أمر البرهان. هو يستفيد من موقعه المزدوج لتمرير مواقف سياسية تتناقض مع التقديرات العسكرية، وإظهار الأمر أن من يقف ضد قراراته بعدم المضي قدما في السلام كمن يقف ضد الجيش. أي شخص يطالب بالسلام يُتهم بإنه ضد الجيش”.

وقال “التقديرات السياسية هنا مرتبطة بمسألة الترتيبات التالية لإيقاف الحرب أو اليوم التالي بعد الحرب. الآن تحكم عملية السلام والحرب سؤال: ماذا سيحدث بعد إيقاف الحرب؟”.

وأضاف “استمرار الحرب يضمن إقصاء أكبر قدر من القوى السياسية واحتكار السلطة بعدها. الحرب في أساسها ذريعة لعودة الإسلامويين إلى السلطة كونهم الظهير السياسي الذي يدعم البرهان. لا ظهير لديه سوى الإسلامويين. هم يملكون القدرة على التأثير عليه وعلى الحكومة ومجلس السيادة. وبالتالي الأمر متصل بتقديراتهم هم السياسية لما بعد الحرب”.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى