أزمة الكراهية في السويد.. تهديدات ومضايقات تخيف نساء السياسة

حذرت وكالة المساواة التابعة للحكومة السويدية من تزايد الكراهية والتهديدات والمضايقات ضد السياسيات، مؤكدة أن هذا المناخ يخيف النساء ويدفعهن إلى فرض رقابة على أنفسهن، وهو ما يشكل تهديدًا كبيرًا للديمقراطية في البلاد.
وأصبحت سلامة النساء في السياسة موضوع اهتمام بالغ في السويد منذ أكتوبر الماضي، عندما استقالت آنا كارين هات من منصبها كزعيمة لحزب الوسط بعد خمسة أشهر فقط، مستشهدة بالكراهية والتهديدات التي تعرضت لها. وقالت هات: “أن تشعر باستمرار أنك بحاجة إلى النظر خلفك، وأنك لا تشعر بالأمان التام، حتى في منزلك، هذا يؤثر فيّ بشكل أعمق بكثير مما كنت أعتقد”.
وجاءت استقالة هات بعد ثلاث سنوات من إدانة رجل بقتل منسقة الطب النفسي السويدية إنغ-ماري فيزيلغرين والتخطيط لقتل زعيمة حزب الوسط آنذاك آني لوف في مهرجان للديمقراطية على جزيرة جوتلاند. وقالت لوف إنها تحترم قرار هات بالاستقالة، مؤكدة فهمها للواقع الذي تصفه.
ضغط لا يطاق على النساء في السياسة
أكد باحثون وشخصيات عامة أن الأجواء السياسية في السويد أصبحت أكثر عدائية واستقطابًا خلال السنوات الأخيرة، ما يؤدي إلى الرقابة الذاتية على النقاش العام ويؤثر في التشريعات. وأشارت لاين سال، رئيسة وحدة التحليل في الوكالة السويدية للمساواة بين الجنسين، إلى أن المناخ الحالي “يخيف الكثير من الأشخاص ويجبر النساء على التفكير مرتين قبل الانخراط في العمل السياسي”.
وأضافت سال: “هذا التوجه يعكس تراجعًا في أهداف الحكومة والبرلمان للمساواة بين الجنسين، ويفرض قيودًا على قدرة النساء على ممارسة نفوذهن في المجتمع وحياتهن الخاصة.” وأكدت أن العديد من النساء، خصوصًا الشابات، يشعرن بالضعف في المناصب العامة، مما يؤثر على أدائهن وحرية حياتهن اليومية، وهو ما يشكل “تهديدًا كبيرًا للديمقراطية”.
المساواة بين الجنسين تحت الضغط
رغم أن السويد تُعرف عالميًا بريادتها في المساواة بين الجنسين، إلا أن الإحصاءات تكشف جانبًا آخر. فقد أظهرت دراسة استقصائية عام 2025 للمجلس الوطني السويدي لمنع الجريمة أن 26.3% من النساء المنتخبات تعرضن للتهديدات والمضايقات بسبب مناصبهن، مقابل 23.6% للرجال. أما شعور النساء بالضعف فقد بلغ 32.7% مقارنة بـ24% للرجال. وكانت النتائج الأكثر شيوعًا للرقابة الذاتية هي الحد من النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي وعدم المشاركة في النقاش حول قضايا معينة.
وقالت الباحثة ساندرا هاكانسون من جامعة أوبسالا إن النساء السياسيات يتجنبن الإدلاء بتصريحات حول القضايا عالية المخاطر، مثل سياسات الهجرة، ما يحد من النقاش العام ويؤثر على التشريعات. وأوضحت أن العنف والتهديدات يشكلان “مخاطر مهنية” تؤدي إلى استقالة النساء من المناصب، كما حدث مع آنا كارين هات، ما يثير مخاوف ديمقراطية حقيقية.

وأشارت البرلمانية السابقة أمينة كاكابافيه إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي والمناخ السياسي الأكثر عدائية كانا عاملين رئيسيين في المشكلة، مضيفة أن بعض الأحزاب، مثل حزب الديمقراطيين السويديين اليميني المتطرف، تعزز قيمًا تقليدية يهيمن عليها الرجال تاريخيًا، مما يزيد من صعوبة عمل النساء السياسي.
وأكدت وزيرة المساواة بين الجنسين نينا لارسون أن “عندما تخاف النساء من ممارسة السياسة أو يُسكتن، تتضرر الديمقراطية والنقاش الحر”، ودعت إلى تغيير ثقافي واضح في قواعد السلوك على الإنترنت، وتحمل منصات التواصل الاجتماعي مسؤولية أكبر في وقف الكراهية والتهديدات.
تضامن ودعم داخل الأحزاب
في منتصف أكتوبر الماضي، أصدرت 26 امرأة من مركز سيدات حزب الوسط بيانًا مشتركًا لدعم آنا كارين هات، مؤكدة أن الكراهية والتهديدات تجبران النساء على الانسحاب من العمل السياسي، وأن التضامن بين النساء هو السبيل لمواجهة هذه الظاهرة.
وأوضح البيان أن استقالة هات “يجب ألا تمر دون رد فعل حقيقي”، مؤكدًا أن تجربة النساء في مواجهة الكراهية والتهديدات لها آثار كبيرة على تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين في السويد.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




