من يصنع سياسة ترامب الخارجية؟ خريطة النفوذ في ولايته الثانية

مع اقتراب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من إتمام عامها الأول في ولايته الثانية، تتضح ملامح فريق السياسة الخارجية الذي يقود توجهات واشنطن الدولية، ويصوغ قراراتها الكبرى في ملفات الحرب والسلام والتجارة والهجرة.
وعلى عكس ولايته الأولى التي اتسمت بكثرة الإقالات والتغييرات، تبدو إدارة ترامب الثانية أكثر استقرارًا من حيث الأشخاص، وإن لم تكن أقل إثارة للجدل من حيث السياسات.
وبحسب تقرير لمجلة “فورين بوليسي”، رسّخت مجموعة محدودة من الشخصيات نفوذها، بعضها من داخل المؤسسات الرسمية، وأخرى من خارج الهياكل التقليدية للدولة، لتصبح المحرك الأساسي في رسم وتسويق السياسة الخارجية الأمريكية.
ستيف ويتكوف
في مقدمة هؤلاء يبرز ستيف ويتكوف، الملياردير ومطوّر العقارات والصديق الشخصي المقرّب لترامب، الذي تحول إلى أبرز صانع صفقات دبلوماسية في الإدارة، رغم افتقاره لأي خبرة سابقة في العمل السياسي أو الدبلوماسي.
تولى ويتكوف ملفات جسيمة تمتد من الشرق الأوسط إلى الحرب الروسية–الأوكرانية، وحقق بعض النجاحات، أبرزها الإفراج عن معلّم أمريكي كان محتجزًا في روسيا، والمشاركة مع جاريد كوشنر في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
غير أن سجل ويتكوف في الملف الأوكراني يبدو أقل تقدما، فقد فشلت قمة ألاسكا التي جمعت ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أغسطس/آب الماضي في تحقيق أي اختراق، كما انهارت خطط عقد قمة لاحقة في بودابست بعد أن تبين لواشنطن عدم استعداد موسكو لتقديم تنازلات حقيقية.
ورغم إطلاق جولة دبلوماسية جديدة بالتعاون مع كوشنر، وصياغة خطة سلام من 28 بندًا، فإن اعتراضات أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين أدت إلى حذف بنود أساسية، فيما عادت روسيا لتؤكد تشددها.
وزاد الجدل حول ويتكوف بعد اتهامه بسوء تقدير الموقف الروسي وتسريب محادثة وُصفت بأنها توحي بتقديمة نصائح لمسؤولين روس حول كيفية التأثير على ترامب.
ماركو روبيو
إلى جانب ويتكوف، برز وزير الخارجية ماركو روبيو كلاعب محوري بعد أن بدا في الشهور الأولى لولاية ترامب مهمشًا.
واليوم، يحظى روبيو بثقة واضحة من ترامب، الذي وصفه علنًا بأنه قد يصبح «أعظم وزير خارجية في تاريخ الولايات المتحدة» بل ورشحه لخوض سباق البيت الأبيض في 2028.
يجمع روبيو بين مناصب غير مسبوقة، إذ يشغل حقيبة الخارجية ومنصب مستشار الأمن القومي، إضافة إلى توليه مهام أمين الأرشيف الأمريكي، وإدارته المؤقتة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية خلال عملية تفكيكها.
وتجلّى نفوذ روبيو في ملفات عدة، أبرزها العمليات العسكرية الأمريكية في أمريكا اللاتينية، ولا سيما الضربات ضد قوارب يُشتبه بارتباطها بتهريب المخدرات، والتي ينظر إليها على نطاق واسع كجزء من سياسة ضغط تهدف إلى زعزعة نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
كما لعب روبيو دور «كابح التوازن» داخل الإدارة في ملف أوكرانيا، حيث تبنّى موقفًا أكثر تشددًا تجاه موسكو، وساهم في تعديل خطة السلام بما يراعي مخاوف كييف والعواصم الأوروبية.
بيت هيغسيث
في وزارة الدفاع “البنتاغون”، شكّل بيت هيغسيث أحد أكثر الوجوه إثارة للجدل، فقد رفع شعار إعادة «روح المحارب» إلى الجيش الأمريكي، وأطلق تغييرات جذرية شملت تقليص وصول الإعلام، وإلغاء برامج التنوع، وحظر المتحولين جنسيًا من الخدمة العسكرية.
إلا أن مسيرة هيغسيث شابتها سلسلة فضائح، أبرزها حادثة «سيغنال غيت»، حين ناقش خططًا عسكرية سرية عبر تطبيق مراسلة غير آمن، إضافة إلى الانتقادات الواسعة التي طالت دوره في توجيه ضربة ثانية استهدفت ناجين من قارب مشتبه بتهريب المخدرات في الكاريبي.
ورغم تصاعد الضغوط، لا يزال هيغسيث متمسكًا بموقعه، وإن كانت الشكوك تتزايد حتى داخل الحزب الجمهوري حول قدرته على الاستمرار.
جيه دي فانس
رسّخ نائب الرئيس جيه دي فانس، موقعه كصوت صدامي يدفع باتجاه تقليص التزامات واشنطن تجاه أوروبا، وتبنّي سياسات متشددة ضد الهجرة.
كما هاجم علنًا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وانتقد الحكومات الأوروبية بسبب سياساتها تجاه الهجرة وصعود تيار أقصى اليمين، في مواقف أحدثت صدمة في العواصم الغربية، وجسدت نسخة أكثر حدّة من شعار «أمريكا أولًا».
إلبريدج كولبي
في الكواليس، برز إلبريدج كولبي، وكيل وزارة الدفاع للسياسات، بوصفه صاحب نفوذ استثنائي داخل البنتاغون.
استغل كولبي ضعف خبرة وزير الدفاع وإقالة عدد كبير من كبار الضباط لفرض رؤيته القائمة على أولوية مواجهة الصين والتركيز على المحيطين الهندي والهادئ على حساب أوروبا.
وقد فجرت قراراته، مثل وقف شحنات أسلحة لأوكرانيا وسحب قوات من رومانيا، توترًا حادًا مع الكونغرس.
ستيفن ميلر
لا يمكن إغفال دور ستيفن ميلر، نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، الذي ورغم عدم شغله منصبًا رسميًا في السياسة الخارجية، ترك بصمة مباشرة على علاقات واشنطن الدولية عبر سياساته المتشددة ضد الهجرة.
دافع ميلر بقوة عن الضربات الأمريكية في الكاريبي، ونسّق مع روبيو في الملف الفنزويلي، ما جعله أحد أكثر الشخصيات تأثيرًا في صورة الولايات المتحدة الخارجية.
جاريد كوشنر
عاد جاريد كوشنر، صهر ترامب، للعب دور غير رسمي لكنه مؤثر، خاصة في مفاوضات غزة وأوكرانيا، إلى جانب ويتكوف.
ففي مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، توجّه كوشنر إلى إسرائيل للمساهمة في وضع الصيغة النهائية لاتفاق السلام الخاص بقطاع غزة، قبل أن يعود في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في زيارة منفردة التقى خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاستكمال النقاشات.
ولم تقتصر تحركاته على الشرق الأوسط، إذ شارك أيضًا في جهود تتعلق بإنهاء الحرب الروسية-الأوكرانية، شملت لقاءات مطوّلة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعقبها اتصال هاتفي استمر ساعتين مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في محاولة لدفع مسار المفاوضات المتعثرة.
سكوت بيسنت
وعلى الصعيد الاقتصادي، برز وزير الخزانة سكوت بيسنت كأحد مهندسي السياسة الخارجية الاقتصادية، خاصة في إدارة الحروب التجارية مع الصين وأوروبا.
ومع خطط ترامب لإعادة هيكلة الاحتياطي الفيدرالي، قد يتضاعف نفوذ بيسنت، ليصبح لاعبًا مركزيًا في صياغة السياسات الاقتصادية الداخلية والخارجية على حد سواء.
ميلانيا ترامب
في خانة «الإشارات الشرفية»، ظهرت السيدة الأولى ميلانيا ترامب في دور غير متوقع، عبر تدخلها في ملف الأطفال الأوكرانيين الذين تتهم كييف موسكو باختطافهم، وإقامتها قناة تواصل مباشرة مع الرئيس الروسي بوتين.
سوزي وايلز
تواصل رئيسة موظفي البيت الأبيض، سوزي وايلز، ممارسة نفوذ واسع خلف الكواليس، حيث وصفها ترامب ترامب بأنها «أقوى امرأة في العالم»، في إشارة إلى قدرتها على إدارة الملفات الحساسة بعيدًا عن الأضواء.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




