الأمن أولا.. تونس تغلق بوابات إرهاب الإخوان في 2025

لم يكن عام 2025 مجرد رقم في المعادلة السياسية والأمنية التونسية، بل تحوّل إلى عام فاصِل في معركة الدولة ضد الفوضى والتنظيمات المتطرفة.
وفي مقدمة التنظيمات المتطرفة جاء تنظيم الإخوان الذي راهن طويلًا على إنهاك المؤسسات وتفكيك الثقة بين الدولة ومواطنيها.
ففي هذا العام، انتقلت تونس من مرحلة احتواء الأخطار إلى مرحلة تحصين الدولة واستباق التهديدات، عبر مقاربة أمنية شاملة لم تكتفِ بإجهاض المخاطر، بل ذهبت أبعد من ذلك نحو تفكيك شبكات التحريض، وتجفيف منابع الفوضى، وكسر الرهانات الإخوانية.
وبينما كانت المنطقة تغلي على وقع النزاعات والحروب المفتوحة، نجحت تونس في تثبيت معادلة نادرة: أمن داخلي صلب، بلا ضربات إرهابية، وبلا اختراقات كبرى، في رسالة واضحة بأن الدولة استعادت زمام المبادرة، وأن زمن العبث بالأمن القومي قد ولّى.
كما نجحت طيلة هذا العام في مواجهتها المفتوحة مع الإرهاب الذي تمدد في البلاد خلال سنوات حكم الإخوان، ليكون هذا العام عاما خاليا من أي ضربة إرهابية.
إحباط مخططات إخوانية
وخلال 2025، تلقّى تنظيم الإخوان ضربات متتالية أفقدته ما تبقّى من قدرة على المناورة السياسية أو الشعبية.
فبعد فشل دعواته المتكررة للتظاهر، وعجزه عن تحقيق أي تعبئة حقيقية في الشارع، انتقل التنظيم إلى حرب بديلة قوامها بث الشائعات، وتضليل الرأي العام، وتوظيف منصات إلكترونية مأجورة للتشكيك في مؤسسات الدولة وإثارة الإحباط.
غير أن الأجهزة الأمنية تعاملت مع هذه المرحلة باعتبارها امتدادًا للتهديد الإرهابي بصيغة ناعمة، فتم رصد شبكات التحريض الرقمية، وتعقّب مصادر التمويل، وإفشال محاولات تصدير الأزمات من الفضاء الافتراضي إلى الشارع.
وقد نجحت البلاد في إفشال مخططات الإخوان التي اعتمدت على بث الشائعات وتوظيف صفحات إلكترونية للتشكيك في مؤسسات الدولة وافتعال الأزمات، خصوصاً بعد فشل الجماعة في تحقيق أي تعبئة شعبية في التحركات الاحتجاجية التي دعت إليها في مناسبات عدة.
مخطط قابس
أخطر محاولات التنظيم خلال العام تجسّدت في محاولة اختراق الاحتجاجات البيئية بمحافظة قابس جنوب شرق البلاد، مستغلًا معاناة السكان من التلوث الصناعي.
وزارة الداخلية كشفت أن مجموعات منظمة سعت إلى تحويل التحركات الاجتماعية إلى فوضى مفتوحة، عبر استعمال نحو 500 شمروخ حارق و800 قارورة مولوتوف، إضافة إلى أسلحة بيضاء ووسائل خطرة، مع تسجيل أعمال شغب وسرقة واعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.
وتمكّنت وحدات الحرس الوطني من تأمين مقر المجمع الكيميائي وحماية ما يقارب 100 ألف طن من المواد الخطرة، كانت ستقود إلى كارثة بيئية وإنسانية غير مسبوقة لو نجح المخطط.
وأكدت وزارة الداخلية أن يقظة المواطنين لعبت دورًا حاسمًا في إفشال محاولات الاختراق، مشددة على أن التنظيم سعى إلى توظيف الملف البيئي كأداة تخريب سياسي تخدم أجندات داخلية وخارجية.
2025 بلا إرهاب.. تتويج للضربات الاستباقية
أمنيًا، يُسجَّل عام 2025 كعام خالٍ من أي هجوم إرهابي، في سابقة تعكس نجاح الاستراتيجية الاستباقية التي اعتمدتها الدولة خلال السنوات الأخيرة.
وتميز العام باستقرار أمني نسبي مع استمرار استراتيجية «اليقظة الأمنية» التي يتبناها الرئيس قيس سعيد حيث تمكنت تونس من احتواء التهديد الإرهابي ومنع وقوع هجمات إرهابية.
وفي أبريل/نيسان الماضي، أكد المتحدث الرسمي باسم الإدارة العامة للأمن الوطني، العميد عماد مماشة، أنه لم تعد هناك “فلول” لجماعات إرهابية في تونس، مشددًا على أن البلاد آمنة وستبقى رغم أنف الجميع».
كما أوضح مماشة أن الوضع الأمني في تحسّن، وأن البلاد تنعم بالأمن والأمان منذ سنوات، داعيًا المواطنين إلى الإبلاغ عن أي خطر قد يهدد الأمن القومي التونسي نظرًا لأهمية دورهم في مكافحة الإرهاب.
وتؤكد هذه المعطيات أن التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها شبكات الإخوان، فقدت قدرتها على التخفي أو إعادة التموضع داخل البلاد.
المؤسسة العسكرية.. سدّ الثغرات وحماية الحدود
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلن وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي أن الوضع الأمني مستقر نسبيًا، رغم تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى تحسّن ملموس ساهمت فيه القوات العسكرية والأمنية عبر العمليات الاستباقية في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والضغط على العناصر المشبوهة وشلّ تحركاتها.
وأكد الوزير أن الوحدات العسكرية تواصل مهامها في جبال الشعانبي وسمامة والمغيلة والسلوم، بهدف فتح ومراقبة المسالك الجبلية ومنع تحرك العناصر الإرهابية.
وفي 30 يوليو/تموز، أعلنت السلطات التونسية تمديد العمل بالمنطقة العسكرية العازلة على الحدود مع ليبيا لسنة إضافية ابتداءً من 29 أغسطس/آب 2025، في خطوة تعكس إدراكًا رسميًا لتداخل خطر الإرهاب مع تهديدات الهجرة غير النظامية وردود الفعل الانتقامية لتنظيم الإخوان وأذرعه.
ونص القرار الذي نشر في الجريدة الرسمية التونسية على «أن يمدد إعلان منطقة حدودية عازلة لسنة إضافية ابتداء من 29 أغسطس/آب 2025»، وذلك طبقاً للقرار الرئاسي الذي صدر في عام 2013.
وأضاف الوزير، خلال جلسة عامة في البرلمان التونسي، أنه في إطار استثمار النجاحات المحققة في مكافحة الإرهاب، تواصل الوحدات العسكرية تنفيذ مهامها في الوسط الغربي، بهدف فتح ومراقبة جميع المسالك، على غرار ما أُنجز في جبال الشعانبي وسمامة والمغيلة والسلوم (وسط غربي تونس المتاخم للحدود الجزائرية)، لمنع تحرّك العناصر الإرهابية.
استئصال جذور الإرهاب
من جهته، قال القيادي بالتيار الشعبي محسن النابتي إن الوضع الأمني تحسن في تونس خلال عهد حكم قيس سعيد.
وأكد لـ«العين الإخبارية» أنه «بعد أن حاول تنظيم الإخوان لأكثر من مرة زعزعة استقرار البلاد، وبعد أن فقد كل مقومات نفوذه ومراكزه المالية والسياسية والإعلامية، عاد إلى محاولات إثارة الفتن الداخلية من خلال العودة إلى حملات التحريض والتشويه».
وأكد أن الإجراءات الاستثنائية التي أقرها الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021 كانت ضرورية للبلاد، وكانت بمثابة العملية الجراحية التي لا بد منها لإنقاذ تونس والدولة ومؤسساتها من هذا التنظيم.
وأضاف أنه «بعد الانتخابات الرئاسية في أكتوبر/تشرين الأول 2024، وبعد استقرار الحكم في البلاد واستقرار الوضع الأمني، نواصل دعمنا للمسار في تونس، لكن لدينا ملاحظات حول حصيلة الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية».
وتابع: «هذه التحفظات لا تعني أننا نصطف مع جماعة الإخوان، والتي هدفها الوحيد العودة إلى السلطة لا أكثر ولا أقل».
وأردف: «هدفنا عدم تمكين هذه الشرذمة من العودة إلى الحكم في تونس»، حسب قوله.
يقظة بلا هوادة
من جهة أخرى، قال الناشط السياسي التونسي خالد بالطاهر، إن تونس شهدت خلال عام 2025 تحسنًا كبيرًا في الوضع الأمني، وذلك بفضل اليقظة الأمنية والعسكرية في البلاد.
وأكد لـ«العين الإخبارية» أن «تونس نجحت خلال هذا العام أيضًا في إحباط المخططات الإخوانية التي تستهدف الأمن القومي»، موضحًا أن «تنظيم الإخوان في الخارج هدفه الوحيد هو إثارة البلبلة ضد الدولة التونسية».
وتابع: «هذا دور الخونة الذين يسعون لضرب الأمن القومي لتونس، وهدفهم الأوحد هو العودة إلى السلطة».
ودعا إلى ضرورة مزيد الانتباه والحذر من أي محاولات إخوانية تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




