قمة ترامب وبوتين.. شكوك عميقة وتفاؤل حذر

شكوك عميقة تحيط بالقمة المرتقبة بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين، المقررة يوم الجمعة المقبل.
ولا شك أن لقاء ترامب وبوتين في ألاسكا سيكون حدثًا تاريخيًا، ومع ذلك، هناك قدر كبير من الشكوك حول ما يمكن تحقيقه فعليًا ومدى إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
حتى الآن، لم تُوجَّه دعوة إلى الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لحضور القمة، فيما خفّف ترامب من سقف التوقعات، واصفًا القمة، في تصريحات يوم الإثنين الماضي، بأنها “اجتماع تمهيدي”.
ورغم توقعه إجراء “محادثات بنّاءة” مع بوتين، قال ترامب: “سنرى ما هي المعايير، ثم سأتصل بالرئيس زيلينسكي والقادة الأوروبيين… لن أبرم صفقة. الأمر ليس بيدي لأبرم صفقة”.
في المقابل، تشعر كييف وحلفاؤها بالقلق من أن يستغل بوتين الاجتماع لدفع ترامب نحو دعم صفقة تصب في مصلحة موسكو، وفقا لما ذكرته مجلة “فورين بوليسي” التي أشارت إلى تحذير زيلينسكي من أن بوتين يسعى إلى “خداع أمريكا”.
ونقلت المجلة عن زيلينسكي، الذي تجمعه بترامب، علاقة متوترة، قوله إن بوتين سيصوّر الاجتماع على أنه “انتصار شخصي” ثم يواصل التصرف كما كان من قبل.
وفي تصريح لـ”فورين بوليسي”، قال جون فورمان، الملحق الدفاعي البريطاني السابق في موسكو وكييف، إنه منذ الإعلان عن القمة وهو يشعر بـ”قلق شديد” بشأن “الارتباك حول شروط السلام التي سيتم بحثها” و”سرعة ترامب” في محاولة إبرام صفقة لتعزيز صورته كـ”صانع سلام”، حتى لو كان ذلك على حساب أوكرانيا.
وتتسم تصريحات ترامب حول اتفاق السلام المحتمل بالغموض، لكنه أشار مجددًا إلى إمكانية إبرام اتفاق يشمل “تبادل الأراضي” بين البلدين، مؤكدًا في الوقت نفسه أنه سيحاول “استعادة بعض تلك الأراضي لأوكرانيا”.
مخاوف
وتسيطر روسيا حاليًا على نحو خُمس الأراضي الأوكرانية، واستعادت تقريبًا كل المناطق التي خسرتها أمام كييف العام الماضي في منطقة كورسك، ما يجعل من غير الواضح ما الذي يمكن أن تقدمه أوكرانيا في أي صفقة تشمل تبادل الأراضي، خاصة أن زيلينسكي يرفض التنازل عن أي أرض لروسيا.
ويخشى حلفاء كييف الأوروبيون من التداعيات وأكدوا في بيان مشترك، الأحد الماضي، أن “النهج الذي يجمع بين الدبلوماسية النشطة، ودعم أوكرانيا، والضغط على الاتحاد الروسي هو وحده الكفيل بالنجاح”.
ومن المقرر أن يعقد ترامب، الأربعاء، جلسة طارئة افتراضية مع القادة الأوروبيين، بمن فيهم زيلينسكي، قبل لقائه مع بوتين.
ويعد الاجتماع مع بوتين محفوفًا بالمخاطر السياسية بالنسبة لترامب، الذي تعهّد مرارًا بإنهاء حرب أوكرانيا، مصوّرًا نفسه على أنه القائد الوحيد القادر على إبرام صفقة.
وكان ترامب قد تعهد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في غضون “24 ساعة” من عودته إلى البيت الأبيض، لكنه أقر لاحقًا بأنه كان يمزح بشأن هذا الإطار الزمني كما أعرب أكثر من مرة عن إحباطه من كلٍّ من بوتين وزيلينسكي بسبب استمرار القتال.
وقال فورمان، الذي يشغل حاليا منصب زميل مشارك في “تشاتام هاوس” ومركز الاستراتيجيات الشرقية الجديدة، إن “الرهانات عالية جدًا”، معربًا عن خشيته من أن يحاول ترامب “فرض اتفاق سيئ” على أوكرانيا وأوروبا.
وأضاف “إذا لم يحصل ترامب على وقف لإطلاق النار، فستفشل القمة… يجب أن يكون ذلك خطه الأحمر”، لكنه أشار إلى أنه سيكون أول من يحيّي ترامب إذا “أخرج شيئًا من جعبته أو قرّب روسيا وأوكرانيا من التوصل إلى اتفاق”.
وأشاد فورمان بترامب لـ”استثماره قدرًا كبيرًا من رأس المال السياسي للتوصل إلى اتفاق سلام”، لكنه اعتبره “مفاوضًا سيئًا في القمم”.
في المقابل، يبدي بعض الخبراء تفاؤلًا حذرًا إزاء فرص اجتماع ألاسكا في تمهيد الطريق لاتفاق سلام، إذ قال دانيال فريد، السفير الأمريكي السابق لدى بولندا، إن “للاجتماع القدرة على دفع اتفاق جيد بما يكفي إذا لم يمنح ترامب، بوتين ما يريده، وهو بعض أراضي أوكرانيا مع إمكانية أخذ المزيد لاحقًا”.
وتابع “يمكن أن يعترف الاتفاق بالخطوط القائمة فعليًا وحتى تعديلها، لكن يجب أن يتجنب الاعتراف القانوني بضم روسيا لأراضي أوكرانيا”.
وأضاف أن أي اتفاق يجب ألا يقيّد قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها أو تلقي الأسلحة من الحلفاء أو طلب دخول قوات أجنبية إلى أراضيها.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز